صفحة جزء
( قصر ) القاف والصاد والراء أصلان صحيحان ، أحدهما يدل على ألا يبلغ الشيء مداه ونهايته ، والآخر على الحبس . والأصلان متقاربان .

فالأول القصر : خلاف الطول . يقول : هو قصير بين القصر . ويقال : قصرت الثوب والحبل تقصيرا . والقصر : قصر الصلاة : وهو ألا يتم لأجل السفر . قال الله تعالى : فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة . والقصيرى : أسفل الأضلاع ، وهي الواهنة . والقصيرى : أفعى ، سميت لقصرها . ويقال أقصرت الشاة ، إذا أسنت حتى تقصر أطراف أسنانها . وأقصرت المرأة : ولدت أولادا قصارا . ويقال : قصرت في الأمر تقصيرا ، إذا توانيت ، وقصرت عنه قصورا : عجزت . وأقصرت عنه إذا نزعت عنه وأنت قادر عليه . قال :


لولا علائق من نعم علقت بها لأقصر القلب مني أي إقصار

وكل هذا قياسه واحد ، وهو ألا يبلغ مدى الشيء ونهايته . والأصل الآخر ، وقد قلنا إنهما متقاربان : القصر : الحبس ، يقال : قصرته [ ص: 97 ] إذا حبسته ، وهو مقصور ، أي محبوس ، قال الله تعالى : حور مقصورات في الخيام . وامرأة قاصرة الطرف : لا تمده إلى غير بعلها ، كأنها تحبس طرفها حبسا . قال الله سبحانه : فيهن قاصرات الطرف . ومن الباب : قصاراك أن تفعل كذا وقصرك ، كأنه يراد ما اقتصرت عليه وحبست نفسك عليه . والمقاصر : جمع مقصورة ، وكل ناحية من الدار الكبيرة إذا أحيط عليها فهي مقصورة . وهذا جائز أن يكون من القياس الأول . ويقولون : فرس قصير : مقربة مدناة لا تترك ترود ، لنفاستها عند أهلها . قال :


تراها عند قبتنا قصيرا     ونبذلها إذا باقت بؤوق

وجارية قصيرة وقصورة من هذا . والتقصار : قلادة شبيهة بالمخنقة ، وكأنها حبست في العنق . قال :


ولها ظبي يؤرثها     جاعل في الجيد تقصارا

ومن الباب : قصر الظلام ، وهو اختلاطه . وقد أقبلت مقاصر الظلام ، وذلك عند العشي . وقد يمكن أن يحمل هذا على القياس فيقال : إن الظلام يحبس عن التصرف . ويقال : أقصرنا ، إذا دخلنا في ذلك الوقت . ويقال لذلك الوقت المقصرة ، والجمع مقاصر . قال :

[ ص: 98 ]

فبعثتها تقص المقاصر     بعدما كربت حياة النار للمتنور

ومما شذ عن هذا الباب القصر : جمع قصرة ، وهي أصل العنق ، وأصل الشجرة ، ومستغلظها . وقرئت : إنها ترمي بشرر كالقصر . والقصر : داء يأخذ في القصر . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية