صفحة جزء
باب الباء والواو وما معهما في الثلاثي

( بوأ ) الباء والواو والهمزة أصلان : أحدهما الرجوع إلى الشيء ، والآخر تساوي الشيئين .

فالأول الباءة والمباءة ، وهي منزلة القوم ، حيث يتبوءون في قبل واد [ أ ] و سند جبل . ويقال قد تبوءوا ، وبوأهم الله تعالى منزل صدق . قال طرفة :


طيبو الباءة سهل ولهم سبل إن شئت في وحش وعر

وقال ابن هرمة :


وبوئت في صميم معشرها     فتم في قومها مبوؤها

والمباءة أيضا : منزل الإبل حيث تناخ في الموارد . يقال أبأنا الإبل نبيئها إباءة - ممدودة - إذا أنخت بعضها إلى بعض . قال :

[ ص: 313 ]

خليطان بينهما مئرة     يبيئان في معطن ضيق

وقال :


لهم منزل رحب المباءة آهل

قال الأصمعي : يقال قد أباءها الراعي إلى مبائها فتبوأته ، وبوأها إياه تبويئا . أبو عبيد : يقال فلان حسن البيئة على فعلة ، من قولك تبوأت منزلا . وبات فلان ببيئة سوء . قال :


ظللت بذي الأرطى فويق مثقب     ببيئة سوء هالكا أو كهالك

ويقال هو ببيئة سوء بمعناه . قال أبو مهدي : يقال باءت على القوم بائيتهم إذا راحت عليهم إبلهم . ومن هذا الباب قولهم أبئ عليه حقه ، مثل أرح عليه حقه . وقد أباءه عليه إذا رده عليه . ومن هذا الباب قولهم باء فلان بذنبه ، كأنه عاد إلى مباءته محتملا لذنبه . وقد بؤت بالذنب ، وباءت اليهود بغضب الله تعالى .

والأصل الآخر قول العرب : إن فلانا لبواء بفلان ، أي إن قتل به كان كفوا . ويقال أبأت بفلان قاتله ، أي قتلته . واستبأتهم قاتل أخي ، أي طلبت إليهم أن يقيدوه . واستبأت به مثل استقدت . قال :

[ ص: 314 ]

فإن تقتلوا منا الوليد فإننا     أبأنا به قتلى تذل المعاطسا

وقال زهير :


فلم أر معشرا أسروا هديا     ولم أر جار بيت يستباء

وتقول : باء فلان بفلان ، إذا قتل به . قال :


ألا تنتهي عنا ملوك وتتقي     محارمنا لا يبوء الدم بالدم

أي من قبل أن يبوء الدماء ; إذا استوت في القتل فقد باءت .

ومن هذا الباب قول العرب : كلمناهم فأجابونا عن بواء واحد : [ أجابوا ] كلهم جوابا واحدا . وهم في هذا الأمر بواء أي سواء ونظراء . وفي الحديث : أنه أمرهم أن يتباءوا ، أي يتباءون في القصاص . ومنه قول مهلهل لبجير بن الحارث : " بؤ بشسع كليب " . وأنشد :


فقلت له بؤ بامرئ لست مثله     وإن كنت قنعانا لمن يطلب الدما

التالي السابق


الخدمات العلمية