صفحة جزء
باب الهمزة والثاء وما يثلثهما

( أثر ) الهمزة والثاء والراء ، له ثلاثة أصول : تقديم الشيء ، وذكر الشيء ، ورسم الشيء الباقي . قال الخليل : لقد أثرت بأن أفعل كذا ، وهو هم في عزم . وتقول افعل يا فلان هذا آثرا ما ، وآثر [ ذي ] أثير ، أي : إن اخترت ذلك الفعل فافعل هذا إما لا . قال ابن الأعرابي : معناه افعله أول كل شيء . قال عروة بن الورد :

[ ص: 54 ]

وقالوا ما تشاء فقلت ألهو إلى الإصباح آثر ذي أثير

والآثر بوزن فاعل . وأما حديث عمر : ما حلفت بعدها آثرا ولا ذاكرا فإنه يعني بقوله آثرا مخبرا عن غيري أنه حلف به . يقول لم أقل إن فلانا قال وأبي لأفعلن . من قولك أثرت الحديث ، وحديث مأثور . وقوله : " ولا ذاكرا " ، أي : لم أذكر ذلك عن نفسي . قال الخليل : والآثر الذي يؤثر خف البعير . والأثير من الدواب : العظيم الأثر في الأرض بخفه أو حافره .

قال الخليل : والأثر بقية ما يرى من كل شيء وما لا يرى بعد أن تبقى فيه علقة . والأثار الأثر ، كالفلاح والفلح ، والسداد والسدد . قال الخليل : أثر السيف ضربته . وتقول : " من يشتري سيفي وهذا أثره " يضرب للمجرب المختبر . قال الخليل : المئثرة مهموز : سكين يؤثر بها في باطن فرسن البعير ، فحيثما ذهب عرف بها أثره ، والجمع المآثر . قال الخليل : والأثر الاستقفاء والاتباع ، وفيه لغتان أثر وإثر . ولا يشتق من حروفه فعل في هذا المعنى ، ولكن يقال : ذهبت في إثره . ويقولون : " تدع العين وتطلب الأثر " يضرب لمن يترك السهولة إلى الصعوبة . والأثير : الكريم عليك الذي تؤثره بفضلك وصلتك . والمرأة الأثيرة ، والمصدر الأثرة ، تقول عندنا أثرة . قال أبو زيد : رجل أثير على فعيل ، وجماعة أثيرون ، وهو بين [ ص: 55 ] الأثرة ، وجمع الأثير أثراء . قال الخليل : استأثر الله بفلان : إذا مات وهو يرجى له الجنة وفي الحديث : إذا استأثر الله بشيء فاله عنه ، أي : إذا نهى عن شيء فاتركه . أبو عمرو بن العلاء : أخذت ذلك بلا أثرة عليك ، أي : لم أستأثر عليك . ورجل أثر على فعل ، يستأثر على أصحابه . قال اللحياني : أخذته بلا أثرى عليك . وأنشد :


فقلت له يا ذئب هل لك في أخ     يواسي بلا أثرى عليك ولا بخل

وفي الحديث : سترون بعدي أثرة ، أي : [ من ] يستأثرون بالفيء .

قال ابن الأعرابي : آثرته بالشيء إيثارا ، وهي الأثرة والإثرة ، والجمع الإثر . قال :


لم يؤثروك بها إذ قدموك لها     لا بل لأنفسهم كانت بك الإثر

والأثارة : البقية من الشيء ، والجمع أثارات ، ومنه قوله تعالى : أو أثارة من علم . قال الأصمعي : الإبل على أثارة ، أي : على شحم قديم . قال :

[ ص: 56 ]

وذات أثارة أكلت عليها     نباتا في أكمته تؤاما

قال الخليل : الأثر في السيف شبه الذي يقال له الفرند ، ويسمى السيف مأثورا لذلك . يقال منه أثرت السيف آثره أثرا : إذا جلوته حتى يبدو فرنده . الفراء : الأثر مقصور بالفتح أيضا . وأنشد :


جلاها الصيقلون فأبرزوها     فجاءت كلها يتقي بأثر

قال : وكان الفراء يقول : أثر السيف ، محركة ، وينشد :


كأنهم أسيف بيض يمانية     صاف مضاربها باق بها الأثر

قال النضر : المأثورة من الآبار التي اختفيت قبلك ثم اندفنت ثم سقطت أنت عليها ، فرأيت آثار الأرشية والحبال ، فتلك المأثورة . حكى الكلبي أثرت بهذا المكان ، أي : ثبت فيه . وأنشد :


فإن شئت كانت ذمة الله بيننا     وأعظم ميثاق وعهد جوار
موادعة ثم انصرفت ولم أدع     قلوصي ولم تأثر بسوء قرار

قال أبو عمرو : طريق مأثور ، أي : حديث الأثر . قال أبو عبيد :

[ ص: 57 ] إذا تخلص اللبن من الزبد وخلص فهو الأثر . قال الأصمعي : هو الأثر بالضم . وكسرها يعقوب . والجمع الأثور . قال :


وتصدر وهي راضية جميعا     عن امري حين آمر أو أشير
وأنت مؤخر في كل أمر     تواربك الجوازم والأثور

تواربك ، أي : تهمك ، من الأرب وهي الحاجة . والجوازم : وطاب اللبن المملوة .

التالي السابق


الخدمات العلمية