صفحة جزء
[ ص: 68 ] باب الهمزة والخاء وما معهما في الثلاثي

( أخذ ) الهمزة والخاء والذال أصل واحد تتفرع منه فروع متقاربة في المعنى . [ أما ] أخذ فالأصل حوز الشيء وجبيه وجمعه . تقول أخذت الشيء آخذه أخذا . قال الخليل : هو خلاف العطاء ، وهو التناول . قال : والأخذة رقية تأخذ العين ونحوها . والمؤخذ : الرجل الذي تؤخذه المرأة عن رأيه وتؤخذه عن النساء ، كأنه حبس عنهن . والإخاذة - وأبو عبيد يقول الإخاذ بغير هاء - : مجمع الماء شبيه بالغدير . قال الخليل : لأن الإنسان يأخذه لنفسه . وجائز أن يسمى إخاذا ، لأخذه من ماء . وأنشد أبو عبيد وغيره لعدي بن زيد يصف مطرا :


فآض فيه مثل العهون من الروض وما ضن بالإخاذ غدر

وجمع الإخاذ أخذ . قال الأخطل :


فظل مرتبئا والأخذ قد حميت     وظن أن سبيل الأخذ مثمود

وقال مسروق بن الأجدع : " ما شبهت بأصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلا الإخاذ ، تكفي الإخاذة الراكب وتكفي الإخاذة الراكبين [ ص: 69 ] وتكفي الإخاذة الفئام من الناس " . ويستعمل هذا القياس في أدواء تأخذ في الأشياء ، وفي غير الأدواء ، إلا أن قياسها واحد . قال الخليل : الآخذ من الإبل الذي أخذ فيه السمن ، وهن الأواخذ . قال : وأخذ البعير يأخذ أخذا فهو أخذ ، خفيف ، وهو كهيئة الجنون يأخذه ، ويكون ذلك في الشاء أيضا . فإن قال قائل : فقد مضى القياس في هذا البناء صحيحا إلى هذا المكان فما قولك في الرمد ، فقد قيل : إن الأخذ الرمد والأخذ الرمد ؟ قيل له : قد قلنا إن الأدواء تسمى بهذا لأخذها الإنسان وفيه . وقد قال مفسرو شعر هذيل في قول أبي ذؤيب :


يرمي الغيوب بعينيه ومطرفه     مغض كما كسف المستأخذ الرمد

يريد أن الحمار يرمي بعينيه كل ما غاب عنه ولم يره ، وطرفه مغض ، كما كسف المستأخذ الذي قد اشتد رمده أي اشتد أخذه له ، واستأخذ الرمد فيه فكسف نكس رأسه ، ويقال : غمض . فقد صح بهذا ما قلناه أنه سمي أخذا لأنه يستأخذ فيه . وهذه لفظة معروفة ، أعني استأخذ ، قال ابن أبي ربيعة :


إليهم متى يستأخذ النوم فيهم     ولي مجلس لولا اللبانة أوعر

فأما نجوم الأخذ فهي منازل القمر ، وقياسها ما قد ذكرناه ، لأن القمر يأخذ كل ليلة في منزل منها . قال شاعر :

[ ص: 70 ]

وأخوت نجوم الأخذ إلا أنضة     أنضة محل ليس قاطرها يثري

التالي السابق


الخدمات العلمية