صفحة جزء
( أدم ) الهمزة والدال والميم أصل واحد ، وهو الموافقة والملاءمة ، وذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم للمغيرة بن شعبة - وخطب المرأة - : لو نظرت إليها ، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما . قال الكسائي : يؤدم يعني [ ص: 72 ] أن يكون بينهما المحبة والاتفاق ، يقال : أدم يأدم أدما . وقال أبو الجراح العقيلي مثله . قال أبو عبيد : ولا أرى هذا إلا من أدم الطعام ، لأن صلاحه وطيبه إنما يكون بالإدام ، وكذلك يقال : طعام مأدوم . وقال ابن سيرين في طعام كفارة اليمين : " أكلة مأدومة حتى يصدوا " . قال : وحدثني بعض أهل العلم أن دريد بن الصمة أراد أن يطلق امرأته فقالت : " أبا فلان ، أتطلقني ، فوالله لقد أطعمتك مأدومي وأبثثتك مكتومي ، وأتيتك باهلا غير ذات صرار " . قال أبو عبيد : ويقال : آدم الله بينهما يؤدم إيداما فهو مؤدم بينهما . قال الشاعر :


والبيض لا يؤدمن إلا مؤدما

أي : لا يحببن إلا محببا موضعا لذلك . ومن هذا الباب قولهم جعلت فلانا أدمة أهلي ، أي : أسوتهم ، وهو صحيح لأنه إذا فعل ذلك فقد وفق بينهم . والأدمة الوسيلة إلى الشيء ، وذلك أن المخالف لا يتوسل به . فإن قال قائل : فعلى أي شيء تحمل الأدمة وهي باطن الجلد ؟ قيل له : الأدمة أحسن ملاءمة للحم من البشرة ، ولذلك سمي آدم عليه السلام; لأنه أخذ من أدمة الأرض .

ويقال : هي الطبقة الرابعة . والعرب تقول مؤدم مبشر ، أي : قد جمع لين الأدمة وخشونة البشرة . فأما اللون الآدم فلأنه الأغلب على بني آدم . وناس تقول : أديم الأرض وأدمتها وجهها .

[ ص: 73 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية