صفحة جزء
باب الهمزة والذال وما معهما في الثلاثي

( أذن ) الهمزة والذال والنون أصلان متقاربان في المعنى ، متباعدان في اللفظ ، أحدهما أذن كل ذي أذن ، والآخر العلم; وعنهما يتفرع الباب كله . فأما التقارب فبالأذن يقع علم كل مسموع . وأما تفرع الباب [ ص: 76 ] فالأذن معروفة مؤنثة . ويقال لذي الأذن آذن ، ولذات الأذن أذناء . أنشد سلمة عن الفراء :


مثل النعامة كانت وهي سالمة أذناء حتى زهاها الحين والجنن

أراد الجنون :


جاءت لتشري قرنا أو تعوضه     والدهر فيه رباح البيع والغبن
فقيل أذناك ظلم ثمت اصطلمت     إلى الصماخ فلا قرن ولا أذن

ويقال للرجل السامع من كل أحد أذن . قال الله تعالى : ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن . والأذن عروة الكوز ، وهذا مستعار . والأذن الاستماع ، وقيل أذن لأنه بالأذن يكون . ومما جاء مجازا واستعارة الحديث : ما أذن الله تعالى لشيء كأذنه لنبي يتغنى بالقرآن وقال عدي بن زيد :


أيها القلب تعلل بددن     إن همي في سماع وأذن

وقال أيضا :


وسماع يأذن الشيخ له     وحديث مثل ماذي مشار

[ ص: 77 ] والأصل الآخر العلم والإعلام . تقول العرب قد أذنت بهذا الأمر ، أي : علمت . وآذنني فلان أعلمني . والمصدر الأذن والإيذان . وفعله بإذني ، أي : بعلمي ، ويجوز بأمري ، وهو قريب من ذلك . قال الخليل : ومن ذلك أذن لي في كذا . ومن الباب الأذان ، وهو اسم التأذين ، كما أن العذاب اسم التعذيب ، وربما حولوه إلى فعيل فقالوا أذين . قال :


حتى إذا نودي بالأذين

والوجه في هذا أن الأذين [ الأذان ] ، وحجته ما قد ذكرناه . والأذين أيضا : المكان يأتيه الأذان من كل ناحية . وقال :


طهور الحصى كانت أذينا ولم تكن     بها ريبة مما يخاف تريب

والأذين أيضا : المؤذن . قال الراجز :


فانكشحت له عليها زمجره     سحقا وما نادى أذين المدره

أراد مؤذن البيوت التي تبنى بالطين واللبن والحجارة . فأما قوله تعالى :

وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ، فقال الخليل : التأذن من قولك لأفعلن كذا ، تريد به إيجاب الفعل ، أي : سأفعله لا محالة . وهذا قول . وأوضح منه قول الفراء تأذن ربكم : أعلم ربكم . وربما قالت العرب في معنى أفعلت : تفعلت . ومثله أوعدني وتوعدني; وهو كثير . وآذن الرجل حاجبه ، وهو من الباب .

[ ص: 78 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية