صفحة جزء
( حق ) الحاء والقاف أصل واحد ، وهو يدل على إحكام الشيء وصحته . فالحق نقيض الباطل ، ثم يرجع كل فرع إليه بجودة الاستخراج وحسن التلفيق ويقال حق الشيء وجب . قال الكسائي : يقول العرب : " إنك لتعرف الحقة عليك ، وتعفي بما لديك " . ويقولون : " لما عرف الحقة مني انكسر " .

[ ص: 16 ] ويقال حاق فلان فلانا ، إذا ادعى كل واحد منهما ، فإذا غلبه على الحق قيل حقه وأحقه . واحتق الناس من الدين ، إذا ادعى كل واحد الحق .

وفي حديث علي عليه السلام : " إذا بلغ النساء نص الحقاق فالعصبة أولى " .

قال أبو عبيد : يريد الإدراك وبلوغ العقل . والحقاق أن تقول هذه أنا أحق ، ويقول أولئك نحن أحق . حاققته حقاقا . ومن قال " نص الحقائق " أراد جمع الحقيقة .

ويقال للرجل إذا خاصم في صغار الأشياء : " إنه لنزق الحقاق " ويقال طعنة محتقة ، إذا وصلت إلى الجوف لشدتها ، ويقال هي التي تطعن في حق الورك . قال الهذلي :


وهلا وقد شرع الأسنة نحوها من بين محتق بها ومشرم

وقال قوم : المحتق الذي يقتل مكانه . ويقال ثوب محقق ، إذا كان محكم النسج . قال :


تسربل جلد وجه أبيك إنا     كفيناك المحققة الرقاقا

والحقة من أولاد الإبل : ما استحق أن يحمل عليه ، والجمع الحقاق . قال الأعشى :

[ ص: 17 ]

وهم ما هم إذا عزت الخم     ر وقامت زقاقهم والحقاق

يقول : يباع زق منها بحق . وفلان حامي الحقيقة ، إذا حمى ما يحق عليه أن يحميه ; ويقال الحقيقة : الراية . قال الهذلي :


حامي الحقيقة نسال الوديقة مع     تاق الوسيقة لا نكس ولا وان

والأحق من الخيل : الذي لا يعرق ; وهو من الباب ; لأن ذلك يكون لصلابته وقوته وإحكامه . قال رجل من الأنصار :


وأقدر مشرف الصهوات ساط     كميت لا أحق ولا شئيت

ومصدره الحقق . وقال قوم : الأقدر أن يسبق موضع رجليه موقع يديه .

والأحق : أن يطبق هذا ذاك . والشئيت : أن يقصر موقع حافر رجليه عن موقع حافر يديه .

والحاقة : القيامة ; لأنها تحق بكل شيء . قال الله تعالى : ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين . والحقحقة أرفع السير وأتعبه للظهر . وفي حديث [ ص: 18 ] مطرف بن عبد الله لابنه : " خير الأمور أوساطها ، وشر السير الحقحقة " . والحق : ملتقى كل عظمين إلا الظهر ; ولا يكون ذلك إلا صلبا قويا .

ومن هذا الحق من الخشب ، كأنه ملتقى الشيء وطبقه . وهي مؤنثة ، والجمع حقق . وهو في شعر رؤبة :


تقطيط الحقق

ويقال فلان حقيق بكذا ومحقوق به . وقال الأعشى :


لمحقوقة أن تستجيبي لصوته     وأن تعلمي أن المعان موفق

قال بعض أهل العلم في قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام : ( حقيق على ) . قال : واجب علي . ومن قرأها حقيق على فمعناها حريص على .

قال الكسائي حق لك أن تفعل هذا وحققت . وتقول : حقا لا أفعل ذلك ، في اليمين .

قال أبو عبيدة : ويدخلون فيه اللام فيقولون : " [ لحق ] لا أفعل ذاك " ، [ ص: 19 ] يرفعونه بغير تنوين . ويقال حققت الأمر وأحققته ، أي كنت على يقين منه .

قال الكسائي : حققت حذر الرجل وأحققته : [ فعلت ] ما كان يحذر . ويقال أحقت الناقة من الربيع ، أي سمنت .

وقال رجل لتميمي : ما حقة حقت على ثلاث حقاق ؟ قال : هي بكرة معها بكرتان ، في ربيع واحد ، سمنت قبل أن تسمنا ثم ضبعت ولم تضبعا ، ثم لقحت ولم تلقحا .

قال أبو عمرو : استحق لقحها ، إذا وجب . وأحقت : دخلت في ثلاث سنين . وقد بلغت حقتها ، إذا صارت حقة . قال الأعشى :


بحقتها ربطت في اللجي     ن حتى السديس لها قد أسن

يقال أسن السن نبت .

التالي السابق


الخدمات العلمية