صفحة جزء
( حرف ) الحاء الراء والفاء ثلاثة أصول : حد الشيء ، والعدول ، وتقدير الشيء .

فأما الحد فحرف كل شيء حده ، كالسيف وغيره . ومنه الحرف ، وهو الوجه . تقول : هو من أمره على حرف واحد ، أي طريقة واحدة . قال الله تعالى ومن الناس من يعبد الله على حرف . أي على وجه واحد . وذلك أن العبد يجب عليه طاعة ربه تعالى عند السراء والضراء ، فإذا أطاعه عند السراء وعصاه عند الضراء فقد عبده على حرف . ألا تراه قال تعالى : فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه . ويقال للناقة حرف . قال قوم : هي الضامر ، شبهت بحرف السيف . وقال آخرون : بل هي الضخمة ، شبهت بحرف الجبل ، وهو جانبه . قال أوس :


حرف أخوها أبوها من مهجنة وعمها خالها قوداء مئشير

وقال كعب بن زهير :


حرف أخوها أبوها من مهجنة     وعمها خالها جرداء شمليل

والأصل الثاني : الانحراف عن الشيء . يقال انحرف عنه ينحرف انحرافا . وحرفته أنا عنه ، أي عدلت به عنه . ولذلك يقال محارف ، وذلك إذا حورف كسبه [ ص: 43 ] فميل به عنه ، وذلك كتحريف الكلام ، وهو عدله عن جهته . قال الله تعالى : يحرفون الكلم عن مواضعه .

والأصل الثالث : المحراف ، حديدة يقدر بها الجراحات عند العلاج . قال :


إذا الطبيب بمحرافيه عالجها     زادت على النقر أو تحريكها ضجما

وزعم ناس أن المحارف من هذا ، كأنه قدر عليه رزقه كما تقدر الجراحة بالمحراف .

ومن هذا الباب فلان يحرف لعياله ، أي يكسب . وأجود من هذا أن يقال فيه إن الفاء مبدلة من ثاء . وهو من حرث أي كسب وجمع . وربما قالوا أحرف فلان إحرافا ، إذا نما ماله وصلح . وفلان حريف فلان أي معامله . وكل ذلك من حرف واحترف أي كسب . والأصل ما ذكرناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية