صفحة جزء
( حضر ) الحاء والضاد والراء إيراد الشيء ، ووروده ومشاهدته . وقد يجيء ما يبعد عن هذا وإن كان الأصل واحدا .

[ ص: 76 ] فالحضر خلاف البدو . وسكون الحضر الحضارة . قال :


فمن تكن الحضارة أعجبته فأي رجال بادية ترانا

قالها أبو زيد بالكسر ، وقال الأصمعي هي الحضارة بالفتح . فأما الحضر الذي هو العدو فمن الباب أيضا ، لأن الفرس وغيره يحضران ما عندهما من ذلك ، يقال أحضر الفرس ، وهو فرس محضير سريع الحضر ، ومحضار . ويقال حاضرت الرجل ، إذا عدوت معه . وقول العرب : " اللبن محضور " فمعناه كثير الآفة ، ويقولون إن الجان تحضره . ويقولون : " الكنف محضورة " . وتأول ناس قوله تعالى : وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون ، أي أن يصيبوني بسوء . والباب كله واحد ، وذلك أنهم يحضرونه بسوء . ويقال للحاضر وهي الحي العظيم . قال حسان :

لنا حاضر فعم وباد كأنه     قطين الإله عزة وتكرما

ويروي ناس :

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كأنه شماريخ رضوى عزة وتكرما

وأنكرت قريش ذلك وقالوا : أي عزة وتكرم لشماريخ رضوى . والحضيرة : الجماعة ليست بالكثيرة . قال :


يرد المياه حضيرة ونفيضة     ورد القطاة إذا اسمأل التبع

ويقال المحاضرة المغالبة ، وحاضرت الرجل : جاثيته عند سلطان أو حاكم .

[ ص: 77 ] ويقال ألقت الشاة حضيرتها ، وهي ما تلقيه بعد الولد من المشيمة وغيرها . وهذا قياس صحيح ، وذلك أن تلك الأشياء تسمى الشهود ، وقد ذكرت في بابها .

وحضرة الرجل : فناؤه . والحضيرة : ما اجتمع من المدة في الجرح . ويقال : حضرت الصلاة ، ولغة أهل المدينة حضرت . وكلهم يقول تحضر . وهذا من نادر ما يجيء من الكلام على فعل يفعل . وقد جاءت فيه من الصحيح غير المعتل كلمة واحدة وقد ذكرت في بابها . ويقال رجل حضر إذا كان لا يصلح للسفر . وهذا كقولهم رجل نهر ، إذا كان يصلح لأعمال النهار دون الليل . قال :

لست بليلي ولكني نهر ويقولون : إن الحضر شحمة في المأنة وفوقها . ومما شذ عن الباب الحضر ، وهو حصن ، في قول عدي :


وأخو الحضر إذ بناه     وإذ دجلة تجبى إليه

والخابور ومن الشاذ ، ويجوز أن يحمل على ما قبله حضار ، وهو كوكب . والعرب تقول : " حضار والوزن محلفان " ; وذلك أن الناس يحلفون عليهما أنهما سهيل لأنهما يشبهانه . والمحلف : الشيء الذي يحوج إلى الحلف . قال :

[ ص: 78 ]

كميت غير محلفة ولكن     كلون الورس عل به الأديم

وحضار الإبل : بيضها . قال الهذلي :

شومها وحضارها

التالي السابق


الخدمات العلمية