ذكر 
ولاية  أبي جعفر عمر بن حفص  إفريقية    . 
في هذه السنة استعمل  
المنصور  على 
إفريقية  أبا جعفر عمر بن حفص  من ولد  
قبيصة بن أبي صفرة أخي المهلب  ، وإنما نسب [ إلى ] بيت  
المهلب  لشهرته . 
وكان سبب مسيره إليها أن  
المنصور  لما بلغه قتل  
الأغلب بن سالم  خاف على 
إفريقية  ، فوجه إليها  
عمر  واليا ، فقدم 
القيروان  في صفر سنة إحدى وخمسين ومائة في خمسمائة فارس ، فاجتمع وجوه البلد فوصلهم وأحسن إليهم ، وأقام والأمور مستقيمة ثلاث سنين . 
فسار إلى 
الزاب  لبناء مدينة 
طبنة  بأمر  
المنصور  ، واستخلف على 
القيروان  حبيب بن حبيب المهلبي ، فخلت 
إفريقية  من الجند ، فثار بها 
البربر  ، فخرج إليهم حبيب فقتل ، واجتمع 
البربر  بطرابلس  وولوا عليهم  
أبا حاتم الإباضي  ، واسمه  
يعقوب بن حبيب  مولى  
كندة     . 
وكان عامل  
 nindex.php?page=showalam&ids=16665عمر بن حفص  على 
طرابلس  الجنيد بن بشار الأسادي  ، وكتب إلى  
عمر  يستمده ، فأمده بعسكر ، فالتقوا وقاتلوا  
أبا حاتم الإباضي  ، فهزمهم فساروا إلى 
قابس  ، وحصرهم  
أبو حاتم  وعمر  مقيم 
بالزاب  على 
عمارة طبنة  ، وانتقضت 
إفريقية  من كل   
[ ص: 169 ] ناحية . 
ومضوا إلى 
طبنة  فأحاطوا بها في اثني عشر عسكرا ، منهم :  
أبو قرة الصفري  في أربعين ألفا ، (  
وعبد الرحمن بن رستم  في خمسة عشر ألفا )  
وأبو حاتم  في عسكر كثير ،  
وعاصم السدراتي الإباضي  في ستة آلاف ،  
والمسعود الزناتي الإباضي  في عشرة آلاف فارس ، وغير من ذكرنا . 
فلما رأى  
 nindex.php?page=showalam&ids=16665عمر بن حفص  إحاطتهم به عزم على الخروج إلى قتالهم ، فمنعه أصحابه وقالوا : إن أصبت تلف العرب . فعدل إلى إعمال الحيلة ، فأرسل إلى  
أبي قرة  مقدم 
الصفرية  يبذل له ستين ألف درهم ليرجع عنه ، فقال : بعد أن سلم علي بالخلافة أربعين سنة أبيع حربكم بعرض قليل من الدنيا ؟ فلم يجبهم [ إلى ] ذلك . 
فأرسل إلى أخي  
أبي قرة  فدفع إليه أربعة آلاف درهم وثيابا على أن يعمل في صرف أخيه 
والصفرية  ، فأجابهم وارتحل من ليلته وتبعه العسكر منصرفين إلى بلادهم ، فاضطر  
 nindex.php?page=showalam&ids=12131أبو قرة  إلى اتباعهم . 
فلما سارت 
الصفرية  سير  
عمر  جيشا إلى  
ابن رستم  وهو في 
تهوذا  ، ( قبيلة من 
البربر    ) ، فقاتلوه ، فانهزم  
ابن رستم  إلى 
تاهرت  ، فضعف أمر 
الإباضية  عن مقاومة  
عمر  ، فساروا عن 
طبنة  إلى 
القيروان  ، فحصرها  
أبو حاتم  ،  
وعمر  بطبنة  يصلح أمورها ويحفظها ممن يجاوره من 
الخوارج  ، فلما علم ضيق الحال 
بالقيروان  سار إليها . ولما سار  
 nindex.php?page=showalam&ids=16665عمر بن حفص  إلى 
القيروان  استخلف على 
طبنة  عسكرا . 
فلما سمع أبو قرة بمسير  
 nindex.php?page=showalam&ids=16665عمر بن حفص  سار هو إلى 
طبنة  فحصرها ، فخرج إليه من بها من العساكر وقاتلوه ، فانهزم منهم وقتل من عسكره خلق كثير . 
وأما  
أبو حاتم  فإنه لما حصر 
القيروان  كثر جمعه ولازم حصارها وليس في بيت مالها دينار ولا في أهرائها شيء من الطعام ، فدام الحصار ثمانية أشهر ، وكان الجند يخرجون فيقاتلون 
الخوارج  طرفي النهار حتى جهدهم الجوع وأكلوا دوابهم وكلابهم . 
ولحق كثير من أهلها 
بالبربر  ، ولم يبق غير دخول 
الخوارج  إليها ، فأتاهم الخبر بوصول  
 nindex.php?page=showalam&ids=16665عمر بن حفص  من 
طبنة  ، فنزل الهريش ، وهو في سبعمائة فارس ، فزحف 
الخوارج  إليه بأجمعهم وتركوا 
القيروان  ، فلما فارقوها سار  
عمر  إلى 
تونس  ، فتبعه 
البربر  ، فعاد إلى 
القيروان  مجدا وأدخل إليها ما يحتاج من طعام ودواب وحطب وغير ذلك ، ووصل  
أبو حاتم  والبربر  إليه فحصروه ، فطال الحصار حتى أكلوا دوابهم ، وفي   
[ ص: 170 ] كل يوم يكون بينهم قتال وحرب . 
فلما ضاق الأمر  
بعمر  وبمن معه قال لهم : الرأي أن أخرج من الحصار ، وأغير على بلاد 
البربر  ، وأحمل إليكم الميرة . قالوا : إنا نخاف بعدك ، قال : فأرسل فلانا وفلانا يفعلان ذلك ، فأجابوه ، فلما قال للرجلين قالا : لا نتركك في الحصار ونسير عنك . 
فعزم على إلقاء نفسه إلى الموت ، فأتى الخبر أن  
المنصور  قد سير إليه  
 nindex.php?page=showalam&ids=17359يزيد بن حاتم بن قتيبة بن المهلب  في ستين ألف مقاتل ، وأشار عليه من عنده بالتوقف عن القتال إلى أن يصل العسكر ، فلم يفعل وخرج وقاتل ، فقتل منتصف ذي الحجة سنة أربع وخمسين ومائة . 
وقام بأمر الناس حميد بن صخر ، وهو أخو  
عمر  لأمه ، فوادع  
أبا حاتم  وصالحه على أن  
حميدا  ومن معه لا يخلعون  
المنصور  ولا ينازعهم  
أبو حاتم  في سوادهم وسلاحهم ، وأجابهم إلى ذلك وفتحت له 
القيروان  ، وخرج أكثر الجند إلى 
طبنة  ، وأحرق  
أبو حاتم  أبواب 
القيروان  وثلم سورها . 
وبلغه وصول  
يزيد بن حاتم  ، فسار إلى 
طرابلس  ، وأمر صاحبه 
بالقيروان  بأخذ سلاح الجند ، وأن يفرق بينهم ، فخالف بعض أصحابه وقالوا : لا نغدر بهم ، وكان المقدم على المخالفين  
عمر بن عثمان الفهري  ، وقام في 
القيروان  وقتل أصحاب  
أبي حاتم  ، فعاد  
أبو حاتم  ، فهرب  
عمر بن عثمان  من بين يديه إلى 
تونس  ، وعاد  
أبو حاتم  إلى 
طرابلس  لقتال  
يزيد بن حاتم     . 
فقيل : كان بين 
الخوارج  والجنود من لدن قاتلوا  
 nindex.php?page=showalam&ids=16665عمر بن حفص  إلى انقضاء أمرهم ثلاثمائة وخمس وسبعون وقعة .