صفحة جزء
[ ص: 184 ] 155

ثم دخلت سنة خمس وخمسين ومائة

فيها دخل يزيد بن حاتم إفريقية ، وقتل أبا حاتم ، وملك القيروان وسائر الغرب . وقد تقدم ذكر مسيره وحروبه مستقصى .

وفيها سير المهدي لبناء الرافقة ، فسار إليها فبناها على بناء مدينة بغداذ ، وعمل للكوفة والبصرة سورا وخندقا ، وجعل ما أنفق فيه من الأموال على أهلها .

ولما أراد المنصور معرفة عددهم أمر أن يقسم فيهم خمسة دراهم خمسة دراهم ، فلما علم عددهم ، أمر بجبايتهم أربعين درهما لكل واحد ، فقال الشاعر :


يا لقومي ما لقينا من أمير المؤمنينا قسم الخمسة فينا وجبانا الأربعينا

.

وفيها طلب ملك الروم الصلح إلى المنصور على أن يؤدي [ إليه ] الجزية .

وفيها غزا الصائفة يزيد بن أسيد السلمي . وعزل عبد الملك بن أيوب بن ظبيان عن البصرة ، واستعمل عليها الهيثم بن معاوية العتكي .

[ ص: 185 ] ذكر عزل العباس بن محمد عن الجزيرة ، واستعمال موسى بن كعب

وفيها عزل المنصور أخاه العباس بن محمد عن الجزيرة ، ، وغضب عليه ، وغرمه مالا ، فلم يزل ساخطا عليه ، حتى غضب على عمه إسماعيل بن علي ، فشفع فيه عمومة المنصور ، وضيقوا عليه ، حتى رضي عنه .

فقال عيسى بن موسى للمنصور : يا أمير المؤمنين ، أرى آل علي بن عبد الله ، وإن كانت نعمك عليهم سابغة ، فإنهم يرجعون إلى الحسد لنا ، فمن ذلك أنك غضبت على إسماعيل بن علي ، منذ أيام ، فضيقوا عليك حتى رضيت عنه ، وأنت غضبان على أخيك العباس منذ كذا وكذا ، فما كلمك فيه أحد منهم ، فرضي عنه .

وكان المنصور قد استعمل العباس على الجزيرة بعد يزيد بن أسيد ، فشكا يزيد منه وقال : إنه أساء عزلي ، وشتم عرضي . فقال له المنصور : اجمع بين إحساني وإساءته يعتدلا . فقال له يزيد بن أسيد : إذا كان إحسانكم جزاء لإساءتكم كانت طاعتنا تفضلا منا عليكم .

ولما عزل المنصور أخاه عن الجزيرة استعمل عليها موسى بن كعب .

ذكر عزل محمد بن سليمان عن الكوفة ، واستعمال عمرو بن زهير

وفيها عزل [ المنصور ] محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس عن الكوفة ، واستعمل عليها عمرو بن زهير الضبي أخا المسيب بن زهير .

وقيل : إنما عزل سنة ثلاث وخمسين ، وكان عزله لأسباب بلغته عنه ، منها أنه قتل عبد الكريم بن أبي العوجاء وكان قد حبسه على الزندقة وهو خال معن بن زائدة الشيباني ، فكثر شفعاؤه عند المنصور ، ولم يتكلم فيه إلا ظنين منهم ، فكتب إلى محمد بن سليمان بالكف عنه إلى أن يأتيه رأيه .

وكان ابن أبي العوجاء قد أرسل إلى محمد بن سليمان يسأله أن يؤخره ثلاثة أيام ، ويعطيه مائة ألف ، فلما ذكر لمحمد أمر بقتله ، فلما أيقن أنه مقتول قال : والله لقد [ ص: 186 ] وضعت أربعة آلاف حديث حللت فيها الحرام ، وحرمت فيها الحلال ، والله لقد فطرتكم يوم صومكم ، وصومتكم يوم فطركم ، فقتل .

وورد كتاب المنصور إلى محمد يأمره بالكف عنه ، فوصل وقد قتله فلما بلغ قتله غضب ، وقال : والله لقد هممت أن أقيده به ! ثم أحضر عمه عيسى بن علي وقال له : هذا عملك ، أنت أشرت بتولية هذا الغلام الغر ، قتل فلانا بغير أمري ، وقد كتبت بعزله ، وتهدده .

فقال له عيسى : إن محمدا إنما قتله على الزندقة ، فإن كان أصاب فهو لك ، وإن أخطأ فعليه ، ولئن عزلته على أثر ذلك ليذهبن بالثناء والذكر ، ولترجعن بالمقالة من العامة عليك ، فمزق الكتاب .

ذكر عدة حوادث

في هذه السنة أنكرت الخوارج الصفرية المجتمعة بمدينة سجلماسة على أميرهم عيسى بن جرير أشياء ، فشدوه وثاقا ، وجعلوه على رأس الجبل فلم يزل كذلك حتى مات ، وقدموا على أنفسهم أبا القاسم سمكو بن واسول المكناسي جد مدرار .

( وفيها ولد أبو سنان الفقيه المالكي بمدينة القيروان من إفريقية ) ، وفيها عزل الحسن بن زيد بن الحسن بن علي عن المدينة واستعمل عليها عمه عبد الصمد بن علي .

وكان على مكة والطائف محمد بن إبراهيم ، ( وعلى الكوفة عمرو بن زهير ) ، وعلى البصرة الهيثم بن معاوية ، وعلى مصر محمد بن سعيد ، وعلى إفريقية يزيد بن حاتم ، وعلى الموصل خالد بن برمك ، وقيل : موسى بن كعب بن سفيان الخثعمي .

[ الوفيات ]

وفي هذه السنة مات مسعر بن كدام الكوفي الهلالي .

التالي السابق


الخدمات العلمية