صفحة جزء
[ ص: 250 ] 168

ثم دخلت سنة ثمان وستين ومائة

في هذه السنة في رمضان ، نقض الروم الصلح الذي كان بينهم وبين المسلمين ، وكان من أوله إلى أن نقضوه اثنان وثلاثون شهرا ، فوجه علي بن سليمان ، وهو على الجزيرة وقنسرين ، يزيد بن البدر بن البطال في خيل فغنموا وظفروا .

ذكر الخوارج بالموصل

وفيها خرج بأرض الموصل خارجي اسمه ياسين من بني تميم ، فخرج إليه عسكر الموصل ، فهزمهم ، وغلب على أكثر ديار ربيعة والجزيرة ، وكان يميل إلى مقالة صالح بن مسرح الخارجي ، فوجه إليه المهدي أبا هريرة بن فروخ القائد ، وهرثمة بن أعين مولى بني ضبة ، فحارباه ، فصبر لهما ، حتى قتل وعدة من أصحابه ، وانهزم الباقون .

ذكر مخالفة أبي الأسود بالأندلس

في هذه السنة ثار أبو الأسود محمد بن يوسف بن عبد الرحمن الفهري بالأندلس ، وكان من حديثه : أنه كان في سجن عبد الرحمن بقرطبة من حين هرب أبوه ، وقتل أخوه عبد الرحمن ، على ما تقدم ، وحبس أبو الأسود ، وتعامى في الحبس ، فصار يحاكي العميان ، ولا يطرف عينه لشيء ، وبقي دهرا طويلا ، حتى صح عند الأمير عبد الرحمن الأموي ذلك .

وكان في أقصى السجن سرداب يفضي إلى النهر الأعظم يخرج منه المسجونون فيقضون حوائجهم من غسل وغيره ، وكان الموكلون يهملون أبا الأسود لعماه ، فإذا رجع من النهر يقول : من يدل الأعمى على موضعه ؟

وكان مولى له يحادثه على شاطئ النهر ، ولا ينكر عليه ، فواعده أن يأتيه بخيل [ ص: 251 ] يحمله عليها ، فخرج يوما ومولاه ينتظره ، فعبر النهر سباحة ، وركب الخيل ، ولحق بطليطلة ، فاجتمع له خلق كثير ، فرجع بهم إلى قتال عبد الرحمن الأموي ، فالتقيا على الوادي الأحمر بقسطلونة ، واشتد القتال ، ثم انهزم أبو الأسود ، وقتل من أصحابه أربعة آلاف سوى من تردى في النهر ، واتبعه الأموي يقتل من لحق ، حتى جاوز قلعة الرباح .

ثم جمع ، وعاد إلى قتال الأموي ، في سنة تسع وستين ، فلما أحس بمقدمة الأموي انهزم أصحابه ، وهو معهم ، فأخذ عياله ، وقتل أكثر رجاله ، وبقي إلى سنة سبعين ، فهلك بقرية ( من أعمال طليطلة ) .

وقام بعده أخوه قاسم ، وجمع جمعا ، فغزاه الأمير ، فجاء إليه بغير أمان فقتله .

ذكر عدة حوادث

وفيها هلك شيلون ملك جليقية ، فولوا مكانه أذفونش ، فوثب عليه مورقاط ، فقتله ، فاختل أمرهم ، فدخل عليهم نائب عبد الرحمن بطليطلة في عساكره ، فقتل ، وغنم ، وسبى ثم عاد سالما .

( وفيها توفي أبو القاسم بن واسول مقدم الخوارج الصفرية بسجلماسة فجاءة في صلاة العشاء الآخرة ، وكانت إمارته اثنتي عشرة سنة وشهرا ، وولي بعده ابنه إلياس ) .

وفيها سير المهدي سعيدا الحرشي في أربعين ألفا إلى طبرستان .

[ الوفيات ]

وفيها مات عمر الكلوذاني ، صاحب الزنادقة ، وولي مكانه محمد بن عيسى بن حمدويه ، فقتل من الزنادقة خلقا كثيرا .

[ ص: 252 ] وحج بالناس علي بن المهدي الذي يقال له ابن ريطة .

وفيها توفي يحيى بن سلمة بن كهيل ، وعبيد الله بن الحسن العنبري قاضي البصرة ، ومندل بن علي ، ومحمد بن عبد الله بن علاثة بن علقمة القاضي .

والحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن علي بن أبي طالب ، وكان قد استعمله المنصور على المدينة خمس سنين ، ثم عزله ، وحبسه ببغداذ ، وأخذ ماله . فلما ولي المهدي أخرجه ورد عليه ماله ، وكان جوادا إلا أنه كان منحرفا عن أهل بيته ، مائلا إلى المنصور .

وفيها توفي قيس بن الربيع ، وعبثر بن القاسم .

( عبثر بفتح العين المهملة ، وبالباء الموحدة ، والثاء المثلثة ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية