صفحة جزء
ذكر خلافة الرشيد بن المهدي .

وفي هذه السنة بويع للرشيد هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بالخلافة في الليلة التي مات فيها الهادي ، وكان عمره ، حين ولي ، اثنتين وعشرين سنة .

وأمه الخيزران أم ولد ، يمانية ، جرشية .

وكان مولده بالري في آخر ذي الحجة سنة خمس وأربعين ومائة ، وقيل : ولد مستهل محرم سنة تسع وأربعين . وكان مولد الفضل بن يحيى البرمكي قبله بسبعة أيام ، وأرضعت أم ابن يحيى الرشيد ، وأرضعت الخيزران الفضل بلبان الرشيد .

ولما مات الهادي كان يحيى بن خالد البرمكي محبوسا ، في قول بعضهم ، وكان الهادي عازما على قتله ، فجاء هرثمة بن أعين إلى الرشيد فأخرجه وأجلسه للخلافة ، فأرسل الرشيد إلى يحيى ، فأخرجه من الحبس ، واستوزره وأمر بإنشاء الكتب إلى الأطراف بجلوسه للخلافة وموت الهادي .

وقيل : لما مات الهادي جاء يحيى بن خالد إلى الرشيد ، وهو نائم في فراشه فقال له : قم يا أمير المؤمنين فقال : كم تروعني إعجابا منك بخلافتي ، فكيف يكون حالي مع الهادي إن بلغه هذا ؟ فأعلمه بموته ، وأعطاه خاتمه ، فبينما هو يكلمه إذ أتاه رسول آخر يبشره بمولود فسماه عبد الله ، وهو المأمون ، ولبس ثيابه وخرج ، فصلى على الهادي بعيساباذ ، وقتل أبا عصمة وسار إلى بغداذ .

وكان سبب قتل أبي عصمة أن الرشيد كان سائرا هو وجعفر بن الهادي ، فبلغا قنطرة من قناطر عيساباذ ، فقال له أبو عصمة : مكانك حتى يجوز ولي العهد فقال الرشيد : السمع والطاعة للأمير ووقف حتى جاز جعفر ، فكان هذا سبب قتله .

ولما وصل الرشيد إلى بغداذ ، وبلغ الجسر ، ودعا الغواصين ، وقال كان المهدي قد وهب لي خاتما مائة ألف دينار ، يسمى الجبل ، فأتاني رسول الهادي يطلب [ ص: 274 ] الخاتم وأنا هاهنا ، فألقيته في الماء ، فغاصوا عليه وأخرجوه ، فسر به .

ولما مات الهادي هجم خزيمة بن خازم تلك الليلة على جعفر بن الهادي فأخذه من فراشه ، وقال له : لتخلعنها أو لأضربن عنقك ، فأجاب إلى الخلع ، وركب من الغد خزيمة ، ، وأظهر جعفرا للناس فأشهدهم بالخلع ، وأحل الناس من بيعتهم ، فحظي بها خزيمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية