ذكر 
الموضع الذي أهبط فيه آدم  ، وحواء  من الأرض 
قيل : ثم إن الله تعالى أهبط 
آدم  قبل غروب الشمس من اليوم الذي خلقه فيه ، وهو يوم الجمعة ، مع زوجته 
حواء  من السماء . 
فقال  
علي  ،  
 nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس  ،  
وقتادة  ،  
وأبو العالية     : إنه أهبط 
بالهند  على جبل يقال له 
نوذ  من أرض 
سرنديب  ، 
وحواء  بجدة    . قال  
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس     : فجاء في طلبها فكان كلما وضع قدمه بموضع صار قرية ، وما بين خطوتيه مفاوز ، فسار حتى أتى 
جمعا  فازدلفت إليه 
حواء  ، فلذلك سميت 
المزدلفة  ، وتعارفا 
بعرفات  فلذلك سميت 
عرفات  ، واجتمعا 
بجمع  فلذلك سميت 
جمعا    . وأهبطت الحية 
بأصفهان  ، وإبليس 
بميسان    . وقيل : أهبط 
آدم  بالبرية ، وإبليس 
بالأبلة    .  
[ ص: 35 ] قال  
أبو جعفر     : وهذا ما لا يوصل إلى معرفة صحته إلا بخبر يجيء مجيء الحجة ، ولا نعلم خبرا في ذلك غير ما ورد في هبوط 
آدم  بالهند  ، فإن ذلك مما لا يدفع صحته علماء الإسلام . 
قال  
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس     : فلما أهبط 
آدم  على جبل 
نوذ  كانت رجلاه تمسان الأرض ورأسه بالسماء يسمع تسبيح الملائكة ، فكانت تهابه ، فسألت الله أن ينقص من طوله فنقص طوله إلى ستين ذراعا ، فحزن 
آدم  لما فاته من الأنس بأصوات الملائكة وتسبيحهم ، فقال : يا رب ، كنت جارك في دارك ليس لي رب غيرك أدخلتني جنتك آكل منها حيث شئت ، وأسكن حيث شئت ، فأهبطتني إلى الجبل المقدس فكنت أسمع أصوات الملائكة وأجد ريح الجنة ، فحططتني إلى ستين ذراعا ، فقد انقطع عني الصوت ، والنظر ، وذهبت عني ريح الجنة ! فأجابه الله تعالى : بمعصيتك يا 
آدم  فعلت بك ذلك . فلما رأى الله تعالى عري 
آدم  وحواء  أمره أن يذبح كبشا من الضأن من الثمانية الأزواج التي أنزل الله من الجنة ، فأخذ كبشا ، فذبحه ، وأخذ صوفه . فغزلته 
حواء  ، ونسجه 
آدم  ، فعمل لنفسه جبة ، 
ولحواء  درعا ، وخمارا ، فلبسا ذلك   . 
وقيل : أرسل إليهما ملكا يعلمهما ما يلبسانه من جلود الضأن ، والأنعام . 
وقيل : كان ذلك لباس أولاده ، وأما هو 
وحواء  فكان لباسهما ما كانا خصفا من ورق الجنة ، فأوحى الله إلى 
آدم    : إن لي حرما حيال عرشي فانطلق ، وابن لي بيتا فيه ، ثم حف به كما رأيت ملائكتي يحفون بعرشي ، فهنالك أستجيب لك ، ولولدك من كان منهم في طاعتي . فقال 
آدم  يا رب ، وكيف لي بذلك ! لست أقوى عليه ولا أهتدي إليه . فقيض الله ملكا فانطلق به نحو 
مكة  ، وكان 
آدم  إذا مر بروضة قال للملك : انزل بنا ههنا . فيقول الملك : مكانك ، حتى قدم 
مكة  ، فكان كل مكان نزله 
آدم  عمرانا ، وما عداه مفاوز . فبنى البيت من خمسة أجبل : من 
طور سينا  ، 
وطور زيتون  ، 
ولبنان  ، 
والجودي  ، وبنى قواعده من 
حراء  ، فلما فرغ من بنائه خرج به الملك إلى 
عرفات  ، فأراه المناسك التي يفعلها الناس اليوم ، ثم قدم به 
مكة  فطاف بالبيت أسبوعا ، ثم رجع إلى 
الهند  فمات على 
نوذ    .  
[ ص: 36 ] فعلى هذا القول أهبط 
حواء  وآدم  جميعا ، وإن 
آدم  بنى 
البيت  ، وهذا خلاف الذي نذكره إن شاء الله تعالى منه : أن 
البيت  أنزل من السماء . 
وقيل : حج 
آدم  من 
الهند  أربعين حجة ماشيا . ولما نزل إلى 
الهند  كان على رأسه إكليل من شجر الجنة ، فلما وصل إلى الأرض يبس فتساقط ورقه فنبتت منه أنواع الطيب 
بالهند    . 
وقيل : بل الطيب من الورق الذي خصفه 
آدم  وحواء  عليهما . 
وقيل : لما أمر بالخروج من الجنة جعل لا يمر بشجرة منها إلا أخذ منها غصنا فهبط وتلك الأغصان معه فكان أصل الطيب 
بالهند  منها ، وزوده الله من ثمار الجنة ، فثمارنا هذه منها ، غير هذه تتغير ، وتلك لا تتغير ، وعلمه صنعة كل شيء ، ونزل معه من طيب الجنة ، والحجر الأسود ، وكان أشد بياضا من الثلج ، وكان من ياقوت الجنة ، ونزل معه عصا 
موسى  ، وهي من آس الجنة ، ومن لبان ، وأنزل بعد ذلك العلاة ، والمطرقة ، والكلبتان . 
وكان حسن الصورة لا يشبهه من ولده غير 
يوسف    . وأنزل عليه 
جبرائيل  بصرة فيها حنطة ، فقال 
آدم    : ما هذا ؟ قال : هذا الذي أخرجك من الجنة فقال : ما أصنع به ؟ فقال : انثره في الأرض . ففعل ، فأنبته الله من ساعته ، ثم حصده ، وجمعه ، وفركه ، وذراه ، وطحنه ، وعجنه ، وخبزه ، كل ذلك بتعليم 
جبرائيل  ، وجمع له 
جبرائيل  الحجر والحديد ، فقدحه ، فخرجت منه النار ، وعلمه 
جبرائيل  صنعة الحديد ، والحراثة ، وأنزل إليه ثورا ، فكان يحرث عليه ، قيل هو الشقاء الذي ذكره الله تعالى بقوله : 
فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى   . 
ثم إن الله أنزل 
آدم  من الجبل وملكه الأرض وجميع ما عليها من الجن ، والدواب ، والطير ، وغير ذلك ، فشكا إلى الله تعالى وقال : يا رب ، أما في هذه الأرض من يسبحك غيري ، فقال الله تعالى : سأخرج من صلبك من يسبحني ، ويحمدني ، وسأجعل فيها بيوتا ترفع لذكري ، وأجعل فيها بيتا أختصه بكرامتي ، وأسميه بيتي ، وأجعله حرما آمنا ، فمن حرمه بحرمتي فقد استوجب كرامتي ، ومن أخاف أهله فيه فقد خفر ذمتي ، وأباح حرمتي ،   
[ ص: 37 ] أول بيت وضع للناس فمن اعتمده لا يريد غيره فقد وفد إلي ، وزارني ، وضافني ، ويحق على الكريم أن يكرم وفده ، وأضيافه ، وأن يسعف كلا بحاجته ، تعمره أنت يا 
آدم  ما كنت حيا ، ثم تعمره الأمم ، والقرون ، والأنبياء من ولدك أمة بعد أمة . 
ثم أمر 
آدم  أن يأتي 
البيت الحرام  ، وكان قد أهبط من الجنة ياقوتة واحدة ، وقيل : درة واحدة ، وبقي كذلك حتى أغرق الله قوم 
نوح    - عليه السلام - فرفع وبقي أساسه ، فبوأ الله 
لإبراهيم    - عليه السلام - فبناه على ما نذكره إن شاء الله تعالى . 
وسار 
آدم  إلى 
البيت  ليحجه ، ويتوب عنده ، وكان قد بكى هو 
وحواء  على خطيئتهما ، وما فاتهما من نعيم الجنة مائتي سنة ولم يأكلا ولم يشربا أربعين يوما ، ثم أكلا وشربا بعدها ، ومكث 
آدم  لم يقرب 
حواء  مائة عام ، فحج 
البيت  ، وتلقى 
آدم  من ربه كلمات فتاب عليه ، وهو قوله تعالى 
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين   . 
( 
نود  بضم النون ، وسكون الواو ، وآخره دال مهملة ) .