ذكر
حوادث العرب أيام قباذ [ ص: 379 ] لما ملك
الحارث بن عمرو بن حجر الكندي العرب وقتل
النعمان بن المنذر بن امرئ القيس ، كما ذكرناه ، وبعث إليه
قباذ : إنه قد كان بيننا وبين الملك الذي كان قبلك عهد ، وأحب لقاءك ، وكان
قباذ زنديقا يظهر الخير ويكره الدماء ويداري أعداءه . فخرج إليه
الحارث والتقيا واصطلحا على أن لا يجوز الفرات أحد من العرب ، فطمع
الحارث الكندي فأمر أصحابه أن يقطعوا الفرات ويغيروا على السواد ، فسمع
قباذ فعلم أنه من تحت يد
الحارث ، فاستدعاه فحضر ، فقال له : إن لصوصا من العرب صنعت كذا وكذا . فقال : ما علمت ولا أستطيع ضبط العرب إلا بالمال والجنود . وطلب منه شيئا من السواد ، فأعطاه ستة طساسيج .
وأرسل
الحارث بن عمرو إلى
تبع ، وهو
باليمن ، يطمعه في بلاد العجم ، فسار
تبع حتى نزل
الحيرة ، وأرسل ابن أخيه
شمرا ذا الجناح إلى
قباذ ، فحاربه فهزمه
شمر حتى لحق
بالري ، ثم أدركه بها فقتله ، ثم وجه
تبع شمرا إلى
خراسان ، ووجه ابنه
حسان إلى السغد ، وقال : أيكما سبق إلى
الصين فهو عليها ، وكان كل واحد منهما في جيش عظيم ، يقال : كانا في ستمائة ألف وأربعين ألفا .
وأرسل ابن أخيه
يعفر إلى
الروم ، فنزل على
القسطنطينية ، فأعطوه الطاعة والإتاوة ، ومضى إلى
رومية فحاصرها فأصاب من معه طاعون ، فوثب
الروم عليهم فقتلوهم ولم يفلت منهم أحد .
وسار
شمر ذو الجناح إلى
سمرقند فحاصرها ، فلم يظفر بها ، وسمع أن ملكها أحمق وأن له ابنة ، وهي التي تقضي الأمور ، فأرسل إليها هدية عظيمة ، وقال لها : إنني إنما قدمت لأتزوج بك ومعي أربعة آلاف تابوت مملوءة ذهبا وفضة وأنا أدفعها إليك
[ ص: 380 ] وأمضي إلى
الصين ، فإن ملكت كنت امرأتي وإن هلكت كان المال لك .
فلما بلغتها الرسالة قالت : قد أجبته فليبعث المال ، فأرسل أربعة آلاف تابوت في كل تابوت رجلان . ولسمرقند أربعة أبواب ، ولكل باب ألفا رجل ، وجعل العلامة بينهما أن يضرب بالجرس ، فخرجوا وملكوا الأبواب ودخل المدينة فقتل أهلها وحوى ما فيها ، وسار إلى
الصين فهزم الترك ودخل بلادهم ولقي
حسان بن تبع قد سبقه إليها بثلاث سنين ، فأقاما بها حتى ماتا ، وكان مقامهما فيما قيل إحدى وعشرين سنة .
وقيل : عادا في طريقهما حتى قدما على
تبع بالغنائم والسبي والجواهر ، ثم انصرفوا جميعا إلى بلادهم ، ومات
تبع باليمن فلم يخرج أحد من
اليمن غازيا بعده .
وكان ملكه مائة وإحدى وعشرين سنة ، وقيل تهود .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : كان
تبع الآخر ، وهو
تبان أسعد أبو كرب ، حين أقبل من المشرق بعد أن ملك البلاد جعل طريقه على المدينة ، وكان حين مر بها في بدايته لم يهج أهلها ، وخلف عندهم ابنا له فقتل غيلة ، فقدمها عازما على تخريبها واستئصال أهلها ، فجمع له
الأنصار حين سمعوا ذلك ورئيسهم
عمرو بن الطلة أحد
بني عمرو بن مبذول من
بني النجار وخرجوا لقتاله ، وكانوا يقاتلونه نهارا ويقرونه ليلا . فبينما هو على ذلك إذ جاءه حبران من
بني قريظة عالمان ، فقالا له : قد سمعنا ما تريد أن تفعل ، وإنك إن أبيت إلا ذلك حيل بينك وبينه ، ولم نأمن عليك عاجل العقوبة . فقال : ولم ذلك ؟ فقالا : إنها مهاجر نبي من
قريش تكون داره . فانتهى عما كان يريد وأعجبه فاتبعهما على دينهما ، واسمهما
كعب وأسد ، وكان
تبع وقومه أصحاب أوثان .
وسار من
المدينة إلى
مكة ، وهي طريقه ، فكسا
الكعبة الوصائل والملاء ، وكان أول
[ ص: 381 ] من كساها ، وجعل لها بابا ومفتاحا ، وخرج متوجها إلى
اليمن ، فدعا قومه إلى اليهودية فأبوا عليه حتى حاكموه إلى النار ، وكانت لهم نار تحكم بينهم فيما يزعمون تأكل الظالم ولا تضر المظلوم . فقال لقومه : أنصفتم . فخرج قومه بأوثانهم وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما حتى قعدوا عند مخرج النار ، فخرجت النار فغشيتهم وأكلت الأوثان وما قربوا معها ومن حمل ذلك من رجال
حمير ، وخرج الحبران تعرق جباههما لم تضرهما ، فأصفقت
حمير على دينه .
وكان قدم على
تبع قبل ذلك
شافع بن كليب الصدفي ، وكان كاهنا ، فقال له
تبع : هل تجد لقومي ملكا يوازي ملكي ؟ قال : لا إلا لملك
غسان . قال : فهل تجد ملكا يزيد عليه ؟ قال : أجده لبار مبرور ، أيد بالقهور ، ووصف بالزبور ، وفضلت أمته في السفور ، يفرج الظلم بالنور ،
أحمد النبي ، طوبى لأمته حين يجيء ، أحد
بني لؤي ، ثم أحد
بني قصي ! فنظر
تبع في الزبور فإذا هو يجد صفة النبي - صلى الله عليه وسلم .
ثم ملك بعد
تبع هذا ، وهو
تبان أسعد أبو كرب بن ملكيكرب ،
ربيعة بن نصر اللخمي ، فلما هلك
ربيعة رجع الملك
باليمن إلى
حسان بن تبان أسعد .
فلما ملك
ربيعة رأى رؤيا هالته فلم يدع كاهنا ولا ساحرا ولا عائفا إلا أحضره وقال لهم : رأيت رؤيا هالتني فأخبروني بتأويلها . فقالوا : اقصصها علينا . فقال : إن أخبرتكم بها لم أطمئن إلى خبركم بتأويلها ، فلما قال ذلك قال له رجل منهم : إن كان الملك يريد ذلك فليبعث إلى
سطيح وشق فهما يخبرانك عما سألت . واسم
سطيح ربيع بن ربيعة ، وكان يقال له
الذئبي نسبة إلى
ذئب بن عدي ،
وشق بن مصعب بن يشكر بن أنمار .
[ ص: 382 ] فبعث إليهما ، فقدم عليه
سطيح قبل
شق ، فلما قدم عليه
سطيح سأله عن رؤياه وتأويلها . فقال : رأيت حمحمة ، خرجت من ظلمة ، فوقعت بأرض بهمة ، فأكلت منها كل ذات جمجمة ؟ قال له الملك : ما أخطأت منها شيئا ، فما عندك من تأويلها ؟ . فقال : أحلف ما بين الحرتين من حنش ليهبطن أرضكم
الحبش فليملكن ما بين
أبين إلى
جرش . قال الملك : وأبيك يا
سطيح إن هذا لغائظ موجع ، فمتى يكون أفي زماني أم بعده ؟ . قال : بل بعده بحين ستين سنة أو سبعين يمضين من السنين . قال : هل يدوم ذلك من ملكهم أو ينقطع ؟ . قال : بل ينقطع لبضع وسبعين يمضين من السنين ، ثم يقتلون بها أجمعون ويخرجون منها هاربين . قال الملك : ومن الذي يلي ذلك ؟ . قال : يليه
إرم ذي يزن ، يخرج عليهم من
عدن ، فلا يترك أحدا منهم
باليمن . قال : فيدوم ذلك من سلطانه أو ينقطع ؟ . قال : بل ينقطع ، يقطعه نبي زكي ، يأتيه الوحي من العلي ، وهو رجل من ولد
غالب بن فهر بن مالك بن النضر ، يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر . قال : وهل للدهر من آخر ؟ قال : نعم ، يوم يجمع فيه الأولون والآخرون ، ويسعد فيه المحسنون ، ويشقى فيه المسيئون . قال : أحق ما تخبرنا يا
سطيح ؟ . قال : نعم والشفق والغسق ، والفلق إذا اتسق ، إن ما أنبأتك به لحق .
ثم قدم عليه
شق فقال : يا
شق إني رأيت رؤيا هالتني فأخبرني عنها وعن تأويلها
[ ص: 383 ] وكتمه ما قال
سطيح لينظر هل يتفقان أم يختلفان . قال : نعم ، رأيت جمجمة ، خرجت من ظلمة ، فوقعت بين روضة وأكمة ، فأكلت منها كل ذات نسمة .
فلما سمع الملك ذلك قال : ما أخطأت شيئا ، فما تأويلها ؟ . قال : أحلف بما بين الحرتين من إنسان ، لينزلن أرضكم
السودان ، وليملكن ما بين
أبين إلى
نجران . قال الملك : وأبيك يا
شق ! إن هذا لغائظ ، فمتى هو كائن ؟ . قال : بعدك بزمان ، ثم يستنقظكم منهم عظيم ذو شان ، ويذيقكم أشد الهوان ، وهو غلام ليس بدني ولا مزن ، يخرج من بيت
ذي يزن . قال : فهل يدوم سلطانه أم ينقطع ؟ . قال : بل ينقطع برسول مرسل ، يأتي بالحق والعدل ، بين أهل الدين والفضل ، يكون الملك فيه إلى يوم الفصل . قال : وما يوم الفصل ؟ . قال : يوم تجزى فيه الولاة ، ويدعى من السماء بدعوات ، ويسمع منها الأحياء والأموات ، ويجتمع فيه الناس للميقات .
فلما فرغ من مسألتهما جهز بنيه وأهل بيته إلى
العراق بما يصلحهم ، فمن بقية
ربيعة بن نصر كان
النعمان بن المنذر ملك
الحيرة ، وهو
النعمان بن المنذر بن النعمان بن المنذر بن عمرو بن امرئ القيس بن عمرو بن عدي بن ربيعة بن نصر ذلك الملك .
فلما هلك
ربيعة بن نصر واجتمع ملك
اليمن إلى
حسان بن تبان بن كرب بن ملكيكرب بن زيد بن عمرو ذي الأذعار ، كان مما هيج أمر
الحبشة ، وتحول الملك عن
حمير أن
حسان سار
بأهل اليمن يريد أن يطأ بهم أرض العرب والعجم ، كما كانت
التبابعة تفعل . فلما كان
بالعراق قبلت قبائل العرب المسير معه ، فكلموا أخاه
عمرا في قتل
حسان وتمليكه ، فأجابهم إلى ذلك إلا ما كان من
ذي رعين الحميري ، فإنه نهاه عن ذلك ، فلم يقبل منه ، فعمد
ذو رعين إلى صفيحة فكتب فيها :
[ ص: 384 ] ألا من يشتري سهرا بنوم ؟ سعيد من يبيت قرير عين .
فإما حمير غدرت وخانت
فمعذرة الإله لذي رعين
.
ثم ختمها وأتى بها
عمرا فقال : ضع هذه عندك ، ففعل . فلما بلغ
حسان ما أجمع عليه أخوه وقبائل
اليمن قال
لعمرو :
يا عمرو لا تعجل علي منيتي فالملك تأخذه بغير حشود
.
فأبى إلا قتله ، فقتله بموضع
رحبة مالك ، فكانت تسمى فرضة نعم فيما قيل .
ثم عاد إلى
اليمن فمنع النوم منه ، فسأل الأطباء وغيرهم عما به وشكا إليهم السهر ، فقال له قائل منهم : ما قتل أحد أخاه أو ذا رحم بغيا إلا منع عنه النوم . فلما سمع ذلك قتل كل من أشار عليه بقتل أخيه ، حتى خلص إلى
ذي رعين ، فلما أراد قتله قال : إن لي عندك براءة . قال : وما هي ؟ . قال : أخرج الكتاب الذي استودعتك . فأخرجه فإذا فيه البيتان ، فكف عن قتله ، ولم يلبث
عمرو أن هلك ، فتفرقت
حمير عند ذلك .
قلت : هذا الذي ذكره
أبو جعفر من قتل
قباذ بالري ، وملك
تبع البلاد من بعد قتله من النقل القبيح والغلط الفاحش ، وفساده أشهر من أن يذكر ، فلولا أننا شرطنا أن لا نترك ترجمة من تاريخه إلا ونأتي بمعناها من غير إخلال بشيء لكان الإعراض عنه أولى . ووجه الغلط فيه أنه ذكر أن
قباذ قتل
بالري ، ولا خلاف بين أهل النقل من
الفرس وغيرهم أن
قباذ مات حتف أنفه في زمان معلوم ، وكان ملكه مدة معلومة ، كما ذكرناه قبل ، ولم ينقل أحد أنه قتل إلا في هذه الرواية .
ولما مات ملك ابنه
كسرى أنوشروان بعده ، وهذا أشهر من : قفا نبك ، ولو كان
[ ص: 385 ] ملك الفرس انتقل بعد
قباذ إلى
حمير ، كيف كان ملك ابنه بعده وتمكن في الملك حتى أطاعه ملوك الأمم وحملت
الروم إليه الخراج ! .
ثم ذكر أيضا أن
تبعا وجه ابنه
حسان إلى
الصين ،
وشمرا إلى
سمرقند وابن أخيه إلى
الروم ، وأنه ملك
القسطنطينية وسار إلى
رومية فحاصرها ، فيا ليت شعري ! ما هو
اليمن وحضرموت حتى يكون بهما ما يكون بعضهم في بلادهم لحفظها ، وجيش مع
تبع ، وجيش مع
حسان يسير بهم إلى مثل
الصين في كثرة عساكره ومقاتلته ، وجيش مع ابن أخيه
تبع يلقى به مثل
nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى ويهزمه ويملك بلاده ، ويحاصر به مثل
سمرقند في كبرها وعظمها وكثرة أهلها ، وجيش مع يعفر يسير بهم إلى ملك
الروم ويملك
القسطنطينية ! والمسلمون مع كثرة ممالكهم واتساعها وكثرة عددهم قد اجتهدوا ليأخذوا
القسطنطينية أو ما يجاورها ،
واليمن من أقل بلادهم عددا وجنودا ، فلم يقدروا على ذلك ، فكيف يقدر عليه بعض عساكر
اليمن مع
تبع ؟ ! هذا مما تأباه العقول ، وتمجه الأسماع .
ثم إنه قال : إن ملك
تبع بلاد
الفرس والروم والصين وغيرها كان بعد قتل
قباذ ، يعني أيام ابنه
أنوشروان ، وكان ملكه سبعا وأربعين سنة .
ولا خلاف أيضا أن
الحبشة لما ملكت
اليمن انقرض ملك
حمير منه وكان آخر ملوكهم
ذا نواس . وكان ملك
حمير قد اختل قبل
ذي نواس ، وانقطع نظامهم حتى طمعت
الحبشة فيه وملكته ، وكان ملكهم
اليمن أيام
قباذ .
وكيف يمكن أن يكون ملك الحبشة الذي هو مقطوع به أيام
قباذ ، ويكون
تبع هو الذي ملك
اليمن قد قتل
قباذ وملك بلاده قبل أن تملك
الحبشة اليمن ؟ هذا مردود محال وقوعه .
وكان ملك
الحبشة اليمن سبعين سنة ، وقيل أكثر من ذلك ، وكان انقراض ملكهم في آخر ملك
أنوشروان ، والخبر في ذلك مشهور ، وحديث
سيف ذي يزن في ذلك ظاهر .
[ ص: 386 ] ولم يزل
اليمن بعد
الحبشة في يد
الفرس إلى أن ملكه المسلمون ، فكيف يستقيم أن ينقضي ملك
تبع الذي هو ملك بلاد
فارس ومن بعده من ملوك
حمير وملك
الحبشة وهو سبعون سنة في ملك
أنوشروان وكان ملكه نيفا وأربعين سنة ؟ وهذا أعجب إن مدة بعضها سبعون سنة تنقضي قبل مضي نيف وأربعين سنة ، ولو فكر
أبو جعفر في ذلك لاستحيا من نقله .
وأعجب من هذا أنه قال : ثم ملك بعد
تبع هذا
ربيعة بن نصر اللخمي ، وهذا
ربيعة هو جد
عمرو بن عدي ابن أخت جذيمة ، وكان ملك
عمرو الحيرة بعد خاله
جذيمة أيام ملوك الطوائف قبل ملك
أردشير بن بابك بخمس وتسعين سنة ، وبين
أردشير وقباذ وهو قبله بهذا الدهر الطويل ؟ ولو لم يترجم
أبو جعفر على هذه الحادثة بقوله : ذكر الحوادث أيام
قباذ ، لكان يحتمل تأويلا فيه ، ثم ما قنع بذلك حتى قال ، بعد أن قص مسير
تبع : وقتل
قباذ وملك البلاد .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق فإنه قال : إن الذي سار إلى المشرق من
التبابعة هو
تبع الأخير ، ويعني بقوله : "
تبع الأخير " أنه آخر من سار إلى المشرق وملك البلاد .
فإن
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق وغيره يقولون : إن الذي ملك البلاد المشرقية لما توفي ملك بعده عدة تبابعة ، ثم اختل أمرهم زمانا طويلا ، حتى طمعت
الحبشة فيهم وخرجت إلى
اليمن . فليت شعري إذا كان هذا
تبع في أيام
قباذ ، فلا شك أن
تبعا الأخير الذي أخذ منه
اليمن يكون في زمن
بني أمية ، ويكون ملك
الحبشة اليمن بعد مدة من ملك
بني العباس ، ويكون أول الإسلام من ثلاثمائة سنة من ملكهم أيضا مما بعدها ، حتى يستقيم هذا القول .
ثم إنه قال : إن
عمرو بن طلة الأنصاري خرج إلى
تبع ،
وعمرو هذا قيل إنه أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - شيخا كبيرا ومات عند مرجعه من غزوة بدر .
[ ص: 387 ] ومن الدليل على بطلانه أيضا أن المسلمين لما قصدوا بلاد
الفرس ما زالت
الفرس تقول لهم عند مراسلاتهم ومحاوراتهم في حروبهم : كنتم أقل الأمم وأذلها وأحقرها ، والعرب تقر لهم بذلك ، فلو كان ملك
تبع قريب العهد لقالت العرب : إننا بالأمس قتلنا ملككم ، وملكنا بلادكم ، واستبحنا حريمكم وأموالكم ، فسكوت العرب عند ذلك وإقرارهم
للفرس دليل على بعد عهده أو عدمه ، على أن
الفرس لا تقر بذلك لا في قديم الزمان ولا في حديثه ، فإنهم يزعمون أن ملكهم لم ينقطع من عهد
جيومرث ، الذي هو
آدم في قول بعضهم ، إلى أن جاء الإسلام ، إلا أيام ملوك الطوائف ، وكان لملوك
الفرس طرف من البلاد في ذلك الزمان لم ينقطع انقطاعا كليا ، على أن أصحاب السير قد اختلفوا في
تبع الذي سار وملك البلاد اختلافا كثيرا ، فقيل :
شمر بن غش ، وقيل :
تبع أسعد ، وأنه بعث إلى
سمرقند شمرا ذا الجناح ، إلى غير ذلك من الاختلافات التي لا طائل فيها . وهذا القدر كاف في كشف الخطأ فيه .