صفحة جزء
[ ص: 87 ] 229

ثم دخلت سنة تسع وعشرين ومائتين

في هذه السنة حبس الواثق الكتاب ، وألزمهم أموالا عظيمة ، وأخذ من أحمد بن إسرائيل ثمانين ألف دينار بعد أن ضربه ، ومن سليمان بن وهب كاتب إيتاخ أربع مائة ألف دينار ، ومن إبراهيم بن رباح وكتابه مائة ألف دينار ، ومن أحمد بن الخصيب وكتابه ألف ألف دينار ، ومن نجاح ستين ألف دينار ، ومن أبي الوزير مائة ألف وأربعين ألف دينار .

وكان سبب ذلك; أنه جلس ليلة مع أصحابه ، فسألهم عن نكبة البرامكة ، فحكى له عرود بن عبد العزيز الأنصاري أن جارية لعدول الخياط أراد الرشيد شراءها ، ( فاشتراها ) بمائة ألف دينار ، وأرسل إلى يحيى بن خالد أن يعطيه ( ذلك ، فقال يحيى : هذا مفتاح سوء ، إذا أخذ ثمن جارية بمائة ألف دينار ، فهو أحرى أن يطلب المال على قدر ذلك ) ، فأرسل يحيى إليه : إنني لا أقدر على هذا المال ، فغضب الرشيد ، وأعاد : لا بد منها ، فأرسل يحيى قيمتها دراهم ، فأمر أن تجعل على طريق الرشيد ليستكثرها ، [ ص: 88 ] ففعل ذلك ، فاجتاز الرشيد بها ، فسأل عنها ، فقيل : هذا ثمن الجارية ، فاستكثرها ، فأمر برد الجارية ، وقال لخادم له : اضمم إليك هذا المال ، واجعل لي بيت مال لأضم إليه ما أريد ، وسماه " بيت مال العروس " ، وأخذ في التفتيش عن الأموال ، فوجد البرامكة قد فرطوا فيها .

وكان يحضر عنده مع سماره رجل يعرف بأبي العود له أدب ، فأمر ليلة له بثلاثين ألف درهم ، فمطله بها يحيى ، فاحتال أبو العود في تحريض الرشيد على البرامكة ، وكان قد شاع تغير الرشيد عليهم ، فبينما هو ليلة عند الرشيد يحدثه ، وساق الحديث إلى أن أنشده قول عمر بن أبي ربيعة :


وعدت هند وما كانت تعد ليت هندا أنجزتنا ما تعد     واستبدت مرة واحدة
إنما العاجز من لا يستبد

فقال الرشيد : أجل إنما العاجز من لا يستبد .

وكان يحيى قد اتخذ من خدام الرشيد خادما يأتيه بأخباره ، فعرفه ذلك ، فأحضر أبا العود ، وأعطاه ثلاثين ألف درهم ، ومن عنده عشرين ألف درهم ، وأرسل إلى ابنيه الفضل وجعفر ، فأعطى كل واحد منهما عشرين ألفا ، وجد الرشيد في أمرهم حتى أخذهم ، فقال الواثق : صدق والله جدي ، إنما العاجز من لا يستبد ، وأخذ في ذكر الخيانة وما يستحق أهلها ، فلم يمض غير أسبوع حتى نكبهم .

وفيها ولي شير باسبان لإيتاخ اليمن ، وسار إليها .

وفيها تولى محمد بن صالح بن العباس المدينة .

وحج بالناس محمد بن داود .

[ ص: 89 ] [ الوفيات ]

وفيها توفي خلف بن هشام البزار المقرئ في جمادى الأولى .

البزار : بالزاي المعجمة ، والراء المهملة .

التالي السابق


الخدمات العلمية