صفحة جزء
ذكر أول خروج صاحب الزنج

وفي شوال خرج في فرات البصرة رجل ، وزعم أنه علي بن محمد بن أحمد [ بن علي ] بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، عليه السلام ، وجمع الزنج الذين كانوا يسكنون السباخ ، وعبر دجلة ، فنزل الديناري .

قال أبو جعفر : وكان اسمه ، فيما ذكر ، علي بن محمد بن عبد الرحيم ، ونسبه في عبد القيس ، وأمه ابنة علي بن رحيب بن محمد بن حكيم ( من بني أسد بن خزيمة من قرى الري ، وكان يقول : جدي محمد بن حكيم ) من أهل الكوفة أحد الخارجين على هشام بن عبد الملك مع زيد بن علي بن الحسين ، فلما قتل زيد هرب فلحق بالري ، فجاء إلى قرية ورزنين وأقام بها .

وإن أبا أبيه عبد الرحيم رجل من عبد القيس ، كان مولده بالطالقان ، وقدم العراق ، واشترى جارية سندية ، وأولدها محمدا أباه ، وكان متصلا قبل بجماعة من حاشية المنتصر ، منهم غانم الشطرنجي ، وسعيد الصغير ، وكان معاشه منهم ومن أصحاب السلطان ، وكان يمدحهم ويستميحهم بشعره ، ( منهم ، ومن غيرهم ) .

ثم إنه شخص من سامرا سنة تسع وأربعين ومائتين إلى البحرين ، فادعى بها أنه [ ص: 264 ] علي بن عبد الله بن محمد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب ، ودعا الناس بهجر إلى طاعته ، فاتبعه جماعة كثيرة من أهلها ومن غيرهم ، فجرى بين الطائفتين عصبية قتل فيها جماعة .

وكان أهل البحرين قد أحلوه بمحل نبي ، وجبى الخراج ، ونفذ فيهم حكمه ، وقاتلوا أصحاب السلطان بسببه ، فوتر منهم جماعة ، فتنكروا له ، فانتقل عنهم إلى الأحساء ، ونزل على قوم من بني سعد بن تميم ، يقال لهم : بنو الشماس ، وأقام فيهم ، وفي صحبته جماعة من البحرين منهم : يحيى بن محمد الأزرق البحراني ، وسليمان بن جامع ، وهو قائد جيشه .

وكان ينتقل بالبادية ، فذكر عنه أنه قال : أوتيت في تلك الأيام بالبادية آيات من آيات إمامتي ظاهرة للناس ، منها أني لقنت سورا من القرآن ، فجرى بها لساني في ساعة ، وحفظتها في دفعة واحدة ، منها : سبحان ، والكهف ، وصاد ، ومنها أني فكرت في الموضع الذي أقصده حيث أتيت في البلاد ، فأظلتني غمامة ، وخوطبت منها ، فقيل لي : اقصد البصرة .

وقيل عنه إنه قال لأهل البادية : إنه يحيا به عمر العلوي أبو الحسن المقتول بناحية الكوفة ، فخدع أهلها ، فأتاه منهم جماعة كثيرة ، فزحف بهم إلى الروم ، من البحرين ، كانت وقعة عظيمة ، وكانت الهزيمة عليه وعلى أصحابه ، قتلوا قتلا كثيرا ، فتفرقت العرب عنه .

فلما تفرقت عنه سار فنزل البصرة في بني ضبيعة ، فاتبعه منهم جماعة ( كبيرة ) [ ص: 265 ] منهم : علي بن أبان المهلبي ، وكان قدومه البصرة سنة أربع وخمسين ومائتين ، ومحمد بن رجاء الحضاري عاملها ، ووافق ذلك فتنة أهل البصرة بالبلالية ، والسعدية .

وطمع في إحدى الطائفتين أن تميل إليه ، فأرسل إليهم يدعوهم ، فلم يجبه أحد من أهل البلد ، وطلبه ابن رجاء ، فهرب ، فحبس جماعة ممن كانوا يميلون إليه ، منهم : ابنه ، وزوجته ، وابنة له ، وجارية حامل منه .

وسار يريد بغداذ ، ومعه من أصحابه محمد بن سلم ، ويحيى بن محمد ، وسليمان بن جامع ، ومرقس القريعي ، فلما صار بالبطيحة نذر بهم ( رجل كان يلي أمرها ، اسمه عمير بن عمار ، فحملهم إلى محمد بن عوف عامل واسط ، فخلص منه ) هو وأصحابه ، فدخل بغداذ ، فأقام بها حولا ، فانتسب إلى محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد ، فزعم بها أنه ظهر له آيات عرف بها ما في ضمائر أصحابه ، وما يفعل كل واحد منهم ، فاستمال جماعة من أهل بغداذ منهم : جعفر بن محمد الصوحاني من ولد يزيد بن صوحان ، ومحمد بن القاسم ، ومشرق ، ورقيق ، غلاما يحيى بن عبد الرحمن ، فسمى مشرقا حمزة ، وكناه أبا أحمد ، وسمى رفيقا جعفرا ، وكناه أبا الفضل .

وعزل محمد بن رجاء عن البصرة ، فوثب رؤساء البلالية ، والسعدية ، فأخرجوا من في الحبوس ، فخلص أهله فيهم ، فلما بلغه خلاص أهله رجع إلى البصرة ، وكان رجوعه في رمضان سنة خمس وخمسين ومائتين ، ومعه علي بن أبان ، ويحيى بن محمد ، وسليمان ، ومشرق ، ورقيق ، فوافوا البصرة ، فنزل بقصر القرشي على نهر يعرف بعمود ابن المنجم ، وأظهر أنه وكيل لولد الواثق في بيع السبخ ، فأقام هنالك .

[ ص: 266 ] وذكر ريحان أحد غلمان السورجيين ، وهو أول من صحبه منهم ، أنه قال : كنت موكلا بغلمان مولاي أنقل لهم الدقيق ، فأخذني أصحابه ، فساروا بي إليه ، وأمروني أن أسلم عليه بالإمرة ، ففعلت ، فسألني عن الموضع الذي جئت منه ، فأخبرته ، وسألني عن أخبار البصرة ، فقلت : لا علم لي ; وسألني عن غلمان السرجيين ، وعن أحوالهم ، وما يجري لهم ، فأعلمته ، فدعاني إلى ما هو عليه ، فأجبته ، فقال : احتل فيمن قدرت عليه من الغلمان ، وأقبل بهم إلي ، ووعدني أن يقودني على من آتيه به ، واستحلفني أن لا أعلم أحدا بموضعه ، وأن أرجع إليه ، وخلى سبيلي .

وعدت إليه من الغداة ، وقد أتاه جماعة من غلمان الدباسين ، فكتب في حريرة : " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة الآية ; وجعلها في رأس مردي ، وما زال يدعو غلمان أهل البصرة ، ويقبلون إليه للخلاص من الرق والتعب ، فاجتمع عنده منهم خلق كثير ، فخطبهم ، ووعدهم أن يقودهم ويملكهم الأموال ، وحلف لهم بالأيمان أن لا يغدر بهم ، ولا يخذلهم ، ولا يدع شيئا من الإحسان إلا أتى به إليهم ، فأتاه مواليهم ، وبذلوا له على كل عبد خمسة دنانير ليسلم إليه عبده ، فبطح أصحابهم ، وأمر كل من عنده من العبيد ، فضربوا مواليهم ، أو وكيلهم ، كل سيد خمسمائة سوط ، ثم أطلقهم فمضوا نحو البصرة .

ثم ركب في سفن هناك ، فعبر دجيلا إلى نهر ميمون ، فأقام هناك ، ولم يزل هذا دأبه يتجمع إليه السودان إلى يوم الفطر ، فخطبهم ، وصلى بهم ، وذكرهم ما كانوا فيه من الشقاء وسوء الحال ، وأن الله تعالى أبعدهم من ذلك ، وأنه يريد أن يرفع أقدارهم ، ويملكهم العبيد والأموال .

فلما كان بعد يومين رأى أصحابه الحميري ، فقاتلوه حتى أخرجوه من دجلة ، [ ص: 267 ] واستأمن إلى صاحب الزنج رجل ( من رؤساء الزنج ) يكنى بأبي صالح ، ويعرف بالقصير ، في ثلاثمائة من الزنج ، فلما كثروا جعل القواد فيهم منهم ، وقال لهم : كل من أتى منكم برجل فهو مضموم إليه .

وكان ابن عون قد نقل من واسط إلى ولاية الأبلة وكور دجلة ، وسار قائد الزنج إلى المحمدية ، فلما نزلها وافاه أصحاب ابن أبي عون ، فصاح الزنج : السلاح ، وقاموا ، وكان فيهم فتح الحجام ، فقام وأخذ طبقا كان بين يديه ، فلقيه رجل من السورجيين يقال له بلبل ، فلما رآه فتح حمل عليه ، وحذفه بالطبق الذي بيده ، فرمى سلاحه وولى هاربا ، وانهزم أصحابه ، وكانوا أربعة آلاف ، وقتل منهم جماعة ، ومات بعضهم عطشا ، وأسر منهم ، وأمر بضرب أعناقهم .

ثم سار إلى القادسية ، فنهبها أصحابه بأمره ، وما زال يتردد إلى أنهار البصرة ، فوجد بعض السودان دارا لبعض بني هاشم ، فيها سلاح بالسيب ، فانتهبوه ، فصار معهم ما يقاتلون به ، فأتاه ، وهو بالسبب ، جماعة من أهل البصرة يقاتلونه ، فوجه يحيى بن محمد في خمسمائة رجل ، فلقوا البصريين ، فانهزم البصريون منهم ، وأخذوا سلاحهم ، ثم قاتل طائفة أخرى عند قرية تعرف بقرية اليهود ، فهزمهم أيضا ، وأثبت أصحابه في الصحراء .

ثم أسرى إلى الجعفرية ، فوضع في أهلها السيف ، فقتل أكثرهم ، وأتى منهم بأسرى فأطلقهم ، ولقي جيشا كبيرا للبصريين مع رئيس اسمه عقيل ، فهزمهم ، وقتل منهم خلقا كثيرا ، وكان معهم سفن ، فهبت عليها ريح فألقتها إلى الشط ، فنزل الزنج وقتلوا من وجدوا فيها ، وغنموا ما فيها ، وكان مع الرئيس ( سفن فركبها ونجا ، فأنفذ صاحب الزنج فأخذها ونهب ما فيها ، ثم نهب ) القرية المعروفة بالمهلبية وأحرقها ، وأفسد في الأرض وعاث .

ثم لقيه قائد من قواد الأتراك يقال له : أبو هلال في أربعة آلاف مقاتل على نهر الريان ، فاقتتلوا ، وحمل السودان عليه حملة صادقة ، فقتلوا صاحب علمه ، فانهزم هو [ ص: 268 ] وأصحابه ، وتبعهم السودان ، فقتلوا من أصحاب أبي هلال أكثر من ألف وخمسمائة رجل ، وأخذوا منهم أسرى فأمر بقتلهم .

ثم إنه أتاه من أخبره أن الزينبي قد أعد له الخيول ، والمتطوعة ، والبلالية ، والسعدية ، وهم خلق كثير ، وقد أعدوا الحبال ليكتف من يأخذونه من السودان ، والمقدم عليهم أبو منصور ، وأخذ موالي الهاشميين ، فأرسل علي بن أبان في مائة أسود ليأتيه بخبرهم ، فلقي طائفة منهم ، فهزمهم ، وصار من معهم من العبيد إلى علي بن أبان .

وأرسل طائفة أخرى من أصحابه ، فأتوا إلى موضع فيه ألف وتسعمائة سفينة ، ومعها من يحفها ، فلما رأوا الزنج هربوا عنها ، فأخذ الزنج السفن وأتوا بها إلى صاحبهم ، فلما أتوه قعد على نشز من الأرض .

وكان في السفن قوم حجاج أرادوا أن يسلكوا طريق البصرة ، فناظرهم ، فصدقوه على قوله ، وقالوا له : لو كان معنا فضل نفقة لأقمنا معك ، فأطلقهم ، وأرسل طليعة تأتيه بخبر ذلك العسكر ، فأتاه خبرهم أنهم قد أتوه في خلق كثير ، فأمر محمد بن سالم ، وعلي بن أبان أن يقعدا لهم بالنخل ، وقعد هو على جبل مشرف ، فلم يلبث أن طلعت الأعلام والرجال ، فأمر الزنج فكبروا ، وحملوا عليهم ، وحملت الخيول ، فتراجع الزنج حتى بلغوا الجبل الذي هو عليه ، ثم حملوا ، فثبتوا لهم ، وقتل من الزنج فتح الحجام ، وصدق الزنج الحملة ، فأخذوهم بين أيديهم ، وخرج محمد بن سالم ، وعلي بن أبان ، وحملوا عليهم فقتلوا منهم ، وانهزم الناس ، وذهبوا كل مذهب ، وتبعهم السودان إلى نهر بيان ، فوقعوا في الوحل ، فقتلهم السودان ، وغرق كثير منهم .

وأتى الخبر إلى الزنوج بأن لهم كمينا ، فساروا إليه ، فإذا الكمين في ( أكثر من ) ألف من المغاربة ، فقاتلهم قتالا شديدا ، ثم حمل السودان عليهم ، فقتلوهم أجمعين وأخذوا سلاحهم .

ثم وجه أصحابه فرأوا مائتي سفينة فيها دقيق فأخذوه ، ومتاعا فنهبوه ، ونهب المعلى بن أيوب ثم سار ، فرأى مسلحة الزينبي فقاتلوه ، فقاتلهم ، فقتلهم أجمعين ، [ ص: 269 ] فكانوا مائتين ، ثم سار فنهب قرية ميزران ، ورأى فيها جمعا من الزنج ففرقهم على قواده ; ثم سار ، فلقيه ستمائة فارس مع سليمان ابن أخي الزينبي ، ولم يقاتله ، فأرسل من ينهب ، فأتوه بغنم وبقر ، فذبحوا وأكلوا ، وفرق أصحابه في انتهاب ما هناك .

ثم إن صاحب الزنج سار يريد البصرة ، حتى إذا قابل النهر المعروف بالرياحي أتاه قوم من السودان فأعلموه أنهم رأوا في الرياحي بارقة ، فلم يلبث إلا يسيرا حتى نادى السودان : السلاح السلاح ، وأمر علي بن أبان بالعبور إليهم ، فعبر في ثلاثمائة رجل ، وقال له : إن احتجت إلى مدد فاستمدني ، فلما مضى علي صاح الزنج : السلاح السلاح ، لحركة رأوها في جهة أخرى ، فوجه محمد بن سالم ، ( فرأى جمعا ، فقاتلهم ) من وقت الظهر إلى آخر وقت العصر ، ثم حمل الزنوج حملة صادقة ، فهزموهم ، وقتلوا من أهل البصرة والأعراب زهاء خمسمائة ، ورجعوا إلى صاحبهم .

ثم أقبل علي بن أبان في أصحابه ، وقد هزموا من بإزائهم ، وقتلوا منهم ، ومعه رأس ابن أبي الليث البلالي القواريري من أعيان البلالية ، ثم سار من الغد عن ذلك المكان ، ونهى أصحابه عن دخول البصرة ، فتسرع بعضهم ، فلقيهم أهل البصرة في جمع عظيم ، وانتهى الخبر إليه ، فوجه محمد بن سالم ، ( وعلي بن أبان ) ، ومشرقا ، وخلقا كثيرا ، وجاء هو يسايرهم فلقوا البصريين ، فأرسل إلى أصحابه ليتأخروا عن المكان الذي هم فيه ، فتراجعوا ، فأكب عليهم أهل البصرة فانهزموا ، وذلك عند العصر ، ووقع الزنوج في نهر كبير ، ونهر شيطان ، وقتل منهم جماعة ، وغرق جماعة ، وتفرق الباقون ، وتخلف صاحبهم عنهم ، وبقي في نفر يسير ، فنجاه الله تعالى .

ثم لقيهم وهم متحيرون لفقده ، وسأل عن أصحابه ، فإذا ليس معه إلا خمسمائة رجل ، فأمر بالنفخ في البوق الذي يجتمعون لصوته ، فلم يأته أحد ، وكان أهل البصرة قد انتهبوا السفن الذي كانت للزنوج ، وبها متاعهم ، فلما أصبح رأى أصحابه في ألف رجل ، وأرسل محمد بن سالم إلى أهل البصرة يعظهم ، ويعلمهم ما الذي دعاه إلى الخروج ، فقتلوه .

[ ص: 270 ] فلما كان يوم الاثنين لأربع خلون من ذي القعدة جمع أهل البصرة وحشدوا لما رأوا من ظهورهم عليه ، وانتدب لذلك رجل يعرف بحمار الساجي ، وكان من غزاة البحر ، وله علم في ركوب السفن ، فجمع المتطوعة ، ورماة الأهداف ، وأهل المسجد الجامع ، ومن خف معه من البلالية والسعدية ، ومن أحب النظر من غيرهم ، وشحن ثلاثة مراكب ، وشذوات مقابلة ، ( وجعلوا يزدحمون ) ، ومضى جمهور الناس رجالة ، منهم من معه سلاح ، ومنه نظارة ، فدخلت المراكب في المد ، والرجالة على شاطئ النهر .

فلما علم صاحب الزنج بذلك وجه طائفة من أصحابه مع زريق الأصبهاني ، في شرقي النهر ، كمينا ، وطائفة مع شبل ، وحسين الحمامي ، في غربيه كمينا ، وأمر علي بن أبان أن يلقى أهل البصرة ، وأن يستتر هو ومن معه بتراسهم ، ولا يقاتل حتى تظهر أصحابه ، وتقدم إلى الكمينين ، إذ جاوزهم أهل البصرة أن يخرجوا ، ويصيحوا بالناس ، وبقي هو في نفر يسير من أصحابه ، وقد هاله ما رأى من كثرة الجمع ، فسار أصحابه إليهم ، وظهر الكمينان من جانبي النهر ومن وراء السفن ، والرجالة ، فضربوا من ولى من الرجالة والنظارة ، فغرقت طائفة ، وقتلت طائفة ، وهرب الباقون إلى الشط ، فأدركهم السيف ، فمن ثبت قتل ، ومن ألقى نفسه في الماء غرق ، فهلك أكثر ذلك الجمع ، فلم ينج إلا الشريد ، وكثر المفقودون من أهل البصرة ، وعلا العويل من نسائهم ، وهذا يوم البيداء الذي أعظمه الناس .

وكان فيمن قتل جماعة من بني هاشم وغيرهم في خلق كثير لا يحصى ، وجمعت للخبيث الرءوس ، فأتاه جماعة من أولياء المقتولين ، فأعطاهم ما عرفوا ، وجمع الرءوس التي لم تطلب ، وجعلها في خزينة ، فأطلقها فوافت البصرة ، فجاء الناس وأخذوا كل ما عرفوه منها ، وقوي بعد هذا اليوم ، وتمكن الرعب في قلوب أهل البصرة منه ، وأمسكوا عن حربه .

[ ص: 271 ] وكتب الناس إلى الخليفة بخبر ما كان ، فوجه إليه جعلان التركي مددا ، وأمر أبا الأحوص الباهلي بالمسير إلى الأبلة واليا ، وأمده بقائد من الأتراك يقال له جريج .

وأما الخبيث صاحب الزنج فإنه انصرف بأصحابه إلى سبخة في آخر النهار ، وهي سبخة أبي قرة ، وبث أصحابه يمينا وشمالا للغارة والنهب ، فهذا ما كان منه في هذه السنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية