صفحة جزء
ذكر ملك يعقوب نيسابور

وفيها ، في شوال ، دخل يعقوب بن الليث نيسابور ، وكان سبب مسيره إليها أن عبد الله السجزي كان ينازع يعقوب بسجستان ، فلما قوي عليه يعقوب هرب منه إلى محمد بن طاهر ، فأرسل يعقوب يطلب من ابن طاهر أن يسلمه إليه فلم يفعل ، فسار نحوه إلى نيسابور ، فلما قرب منها ، وأراد دخولها ، وجه محمد بن طاهر يستأذنه في تلقيه ، فلم يأذن له ، فبعث بعمومته وأهل بيته فتلقوه .

ثم دخل نيسابور في شوال ، فركب محمد بن طاهر ، فدخل إليه في مضربه ، فساءله ، ثم وبخه على تفريطه في عمله ، وقبض على محمد بن طاهر ، وأهل بيته ، واستعمل على نيسابور ، وأرسل إلى الخليفة يذكر تفريط محمد بن طاهر في عمله ، وأن أهل خراسان سألوه المسير إليهم ، ويذكر غلبة العلويين على طبرستان ، وبالغ في هذا المعنى ، فأنكر عليه ذلك ، وأمر بالاقتصار على ما أسند إليه ، وألا يسلك معه مسلك المخالفين .

وقيل كان سبب ملك يعقوب نيسابور ما ذكرناه سنة سبع وخمسين [ ومائتين ] من ضعف محمد بن طاهر أمير خراسان ، فلما تحقق يعقوب ذلك ، وأنه لا يقدر على الدفع سار إلى نيسابور ، وكتب إلى محمد بن طاهر يعلمه أنه قد عزم على قصد طبرستان ليمضي ما أمره الخليفة في الحسن بن زيد المتغلب عليها ، وأنه لا يعرض لشيء من عمله ، ولا لأحد من أسبابه .

وكان بعض خاصة محمد بن طاهر ، وبعض أهله لما رأوا إدبار أمره مالوا إلى يعقوب ، فكاتبوه ، واستدعوه ، وهونوا على محمد أمر يعقوب ( من نيسابور ) ، فأعلموه أنه لا خوف عليه منه ، وثبطوه عن التحرز منه ، فركن محمد إلى قولهم ، حتى قرب [ ص: 311 ] يعقوب من نيسابور ، فوجه إليه قائدا من قواده يطيب قلبه ، وأمره بمنعه عن الانتزاح عن نيسابور إن أراد ذلك .

ثم وصل يعقوب إلى نيسابور رابع شوال وأرسل أخاه عمرو بن الليث إلى محمد بن طاهر ، فأحضره عنده ، فقبض عليه وقيده ، وعنفه عن إهماله عمله ، وعجزه عن حفظه ، ثم قبض على جميع أهل بيته ، وكانوا نحوا من مائة وستين رجلا ، وحملهم إلى سجستان ، واستولى على خراسان ، ورتب في الأعمال نوابه .

وكانت ولاية محمد بن طاهر إحدى عشرة سنة وشهرين وعشرة أيام .

التالي السابق


الخدمات العلمية