صفحة جزء
ذكر وفاة أحمد بن طولون ، وولاية ابنه خمارويه

في هذه السنة توفي أحمد بن طولون ، صاحب مصر ، والشام ، والثغور الشامية .

وكان سبب موته أن نائبه بطرسوس وثب عليه يازمان الخادم ، وقبض عليه ، وعصى على أحمد ، وأظهر الخلاف ، فجمع أحمد العساكر وسار إليه ، فلما وصل أذنة كاتبه وراسله يستميله ، فلم يلتفت إلى رسالته فسار إليه أحمد ، ونازله وحصره ، فخرق يازمان نهر البلد على منزلة العسكر ، فكاد الناس يهلكون ، فرحل أحمد مغيظا حنقا ، وكان الزمان شتاء ، وأرسل إلى يازمان : إنني لم أرحل إلا خوفا أن تنخرق حرمة هذا الثغر فيطمع فيه العدو .

فلما عاد إلى أنطاكية أكل لبن الجواميس ، فأكثر منه ، فأصابه منه هيضة ، [ ص: 428 ] واتصلت حتى صار منها ذرب ، وكان الأطباء يعالجونه ، وهو يأكل سرا ، فلم ينجع الدواء ، فتوفي رحمه الله .

وكانت إمارته نحو ست وعشرين سنة وكان عاقلا ، حازما ، كثير المعروف والصدقة متدينا ، يحب العلماء وأهل الدين ، وعمل كثيرا من أعمال البر ومصالح المسلمين ، وهو الذي بنى قلعة يافا ، وكانت المدينة بغير قلعة .

وكان يميل إلى مذهب الشافعي ، ويكرم أصحابه .

وولي بعده ابنه خمارويه ، وأطاعه القواد ، وعصى عليه نائب أبيه بدمشق ، فسير إليه العساكر فأجلوه ، وساروا من دمشق إلى شيزر .

التالي السابق


الخدمات العلمية