صفحة جزء
ذكر عدة حوادث

في هذه السنة في ربيع الأول قبض على تكتمر بن طاشتمر ، وقيد وأخذ ماله ; [ ص: 486 ] ( وكان أميرا على ) الموصل ، واستعمل بعده عليها الحسن بن علي الخراساني ، ويعرف بكورة .

وفيها قدم ابن الجصاص بابنة خمارويه زوجة المعتضد ، ومعها أحد عمومتها ، وكان المعتضد بالموصل .

وفيها عاد المعتضد إلى بغداد ، وزفت إليه ابنة خمارويه في ربيع الآخر وفيها سار المعتضد إلى الجبل ، فبلغ الكرج ، وأخذ أموالا لابن أبي دلف ، وكتب إلى عمر بن عبد العزيز يطلب منه جوهرا كان عنده ، فوجه به إليه ، تنحى من بين يديه .

وفيها أطلق لؤلؤ غلام ابن طولون ، وحمل على دواب وبغال .

وفيها وجه يوسف بن أبي الساج إلى الصيمرة مددا القلانسي غلام الموفق ، فهرب يوسف فيمن أطاعه إلى أخيه محمد بمراغة ، ولقي مالا للمعتضد فأخذه ، فقال في ذلك عبيد الله بن عبد الله بن طاهر :


إمام الهدى أنصاركم آل طاهر بلا سبب تخفون والدهر يذهب     وقد خلطوا شكرا بصبر ورابطو
وغيرهم يعطي ويحبي ويهرب



[ ص: 487 ] وفيها وجه المعتضد وزيره عبيد الله بن سليمان إلى ابنه بالري وعاد منها .

وفيها وجه محمد بن زيد العلوي من طبرستان إلى محمد بن ورد العطار باثنين وثلاثين ألف دينار ليفرقها على أهل بيته ببغداذ ، والكوفة ، والمدينة ، فسعى به المعتضد ، فأحضر محمد عند بدر ، وسئل عن ذلك ، فأقر أنه يوجه إليه كل سنة مثل ذلك ، ففرقه ، وأنهى بدر إلى المعتضد ذلك ، فقال له المعتضد : أما تذكر الرؤيا التي خبرتك بها ؟ قال : لا ، يا أمير المؤمنين ; قال : رأيت في النوم كأني أريد ناحية النهروان ، وأنا في جيشي ، إذ مررت برجل واقف على تل يصلي ولا يلتفت إلي ، فعجبت ، فلما فرغ من صلاته قال لي : أقبل ، فأقبلت إليه فقال لي : أتعرفني ؟ قلت : لا ! قال : أنا علي بن أبي طالب ، خذ هذه فاضرب بها الأرض ، بمسحاة بين يديه ، فأخذتها ، فضربت بها ضربات ، فقال لي : إنه سيلي من والدك هذا الأمر بعدد الضربات ، فأوصهم بولدي خيرا .

وأمر بدرا بإطلاق المال والرجل ، وأمره أن يكتب إلى صاحبه بطبرستان أن يوجه ما يريد ظاهرا ، وأن يفرق ما يأتيه ظاهرا ، وتقدم بمعونته على ذلك .

( وفيها توفي أبو طلحة منصور بن مسلم في حبس المعتضد ) .

( وفيها ولدت جارية اسمها شغب للمعتضد ولدا سماه جعفرا ، وهو المقتدر ) .

وفيها قتل خمارويه بن أحمد بن طولون ، ذبحه بعض خدمه على فراشه في ذي الحجة بدمشق ، وقتل من خدمه الذين اتهموا نيف وعشرون نفسا .

وكان سبب قتله أنه سعى إليه بعض الناس ، وقال له إن جواري داره قد اتخذت كل واحدة منهن خصيا من خصيان داره لها كالزوج ، وقال : إن شئت أن تعلم صحة ذلك فأحضر بعض الجواري فاضربها وقررها ، حتى تعلم صحة ذلك . فبعث من وقته إلى نائبه بمصر يأمره بإحضار عدة من الجواري ليعلم الحال منهن ، فاجتمع جماعة من [ ص: 488 ] الخدم ، وقرروا بينهم الاتفاق على قتله ، خوفا من ظهور ما قيل له ، وكانوا خاصته ، فذبحوه ليلا وهربوا .

فلما قتل اجتمع القواد ، وأجلسوا ابنه جيش بن خمارويه في الإمارة ، وكان معه بدمشق ، وهو أكبر ولده ، فبايعوه ففرقت فيهم الأموال وكان صبيا غرا .

[ الوفيات ]

وفيها توفي عثمان بن سعيد بن خالد أبو سعيد الدارمي الفقيه الشافعي أخذ الفقه عن البويطي صاحب الشافعي ، والأدب عن ابن الأعرابي .

وفيها توفي أبو حنيفة أحمد بن داود الدينوري اللغوي صاحب كتاب النبات وغيره .

وفيها توفي الحارث بن أبي أسامة ، وله " مسند " يروى غالبا في زماننا هذا .

( وأبو العيناء محمد بن القاسم ، وكان يروي عن الأصمعي ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية