[ ص: 547 ]   293 
ثم دخلت سنة ثلاث وتسعين ومائتين 
ذكر 
إمارة بني حمدان  بالموصل  وما فعلوه بالأكراد  
في هذه السنة ولى  
 nindex.php?page=showalam&ids=15308المكتفي بالله  الموصل  وأعمالها  
أبا الهيجاء عبد الله بن حمدان بن حمدون التغلبي العدوي  ، فسار إليها ، فقدمها أول المحرم ، فأقام بها يومه ، وخرج من الغد ( لعرض الرجال ) الذين قدموا معه ، والذين 
بالموصل  ، فأتاه الصريخ من 
نينوى  بأن 
الأكراد الهذبانية  ، ومقدمهم  
محمد بن بلال  ، قد أغاروا على البلد ، وغنموا كثيرا منه ، فسار من وقته وعبر الجسر إلى الجانب الشرقي ، فلحق 
الأكراد  بالمعروبة على الخازر ، فقاتلوه ، فقتل رجل من أصحابه اسمه سيما 
الحمداني  ، فعاد عنهم ، وكتب إلى الخليفة يستدعي النجدة ، فأتته النجدة بعد شهور كثيرة ، وقد انقضت سنة ثلاث وتسعين ودخلت سنة أربع وتسعين . 
ففي ربيع الأول منها سار فيمن معه إلى 
الهذبانية  ، وكانوا قد اجتمعوا في خمسة آلاف بيت ، فلما رأوا جده ( في طلبهم ) ساروا إلى البابة التي في جبل السلق ، وهو مضيق في جبل عال مشرف على شهرزور ، فامتنعوا [ بها ] وأغار مقدمهم  
محمد بن بلال  ، وقرب من  
ابن حمدان  ، وراسله في أن يطيعه ويحضر هو وأولاده ، ويجعلهم عنده يكونون رهينة ، ويتركون الفساد ، فقبل  
ابن حمدان  ذلك ، فرجع  
محمد  ليأتي بمن ذكر ، فحث أصحابه على المسير نحو 
أذربيجان  ، وإنما أراد في الذي فعله مع  
ابن حمدان  أن يترك الجد في الطلب ليأخذ ( أصحابه أهبتهم ويسيروا آمنين .  
[ ص: 548 ] فلما تأخر عود  
محمد  عن  
ابن حمدان  علم مراده ، فجرد معه جماعة من جملتهم ) إخوته  
سليمان  ،  
وداود  ،  
وسعيد  وغيرهم ممن يثق به وبشجاعته ، وأمر النجدة التي جاءته من الخليفة أن يسيروا معه ، فتثبطوا ، فتركهم وسار يقفو أثرهم ، فلحقهم وقد تعلقوا بالجبل المعروف بالقنديل ، فقتل منهم جماعة ، ( وصعدوا ذروة ) الجبل ، وانصرف  
ابن حمدان  عنهم . 
ولحق 
الأكراد  بأذربيجان  ، وأنهى  
ابن حمدان  ما كان من حالهم إلى الخليفة والوزير فأنجدوه بجماعة صالحة وعاد إلى 
الموصل  فجمع رجاله وسار إلى 
جبل السلق  ، وفيه  
محمد بن بلال  ومعه 
الأكراد  ، فدخله  
ابن حمدان  ، والجواسيس بين يديه ، خوفا من كمين يكون فيه ، وتقدم من بين يدي أصحابه ، وهم يتبعونه ، فلم يتخلف منهم أحد ، وجاوزوا الجبل ، وقاربوا 
الأكراد  ، وسقط عليهم الثلج ، واشتد البرد ، وقلت الميرة والعلف عندهم ، وأقام على ذلك عشرة أيام ، وبلغ الحمل [ من ] التبن ثلاثين درهما ، ثم عدم عندهم وهو صابر . 
فلما رأى 
الأكراد  صبرهم وأنهم لا حيلة لهم في دفعهم لجأ  
محمد بن بلال  وأولاده ومن لحق به ، واستولى  
ابن حمدان  على بيوتهم ، وسوادهم ، وأهلهم ، وأموالهم ، وطلبوا الأمان فأمنهم ، وأبقى عليهم ، وردهم إلى بلد حزة ، ورد عليهم أموالهم وأهليهم ، ولم يقتل منهم غير رجل واحد ، وهو الذي قتل صاحبه  
سيما الحمداني  ، وأمنت البلاد معه ، وأحسن السيرة في أهلها . 
ثم إن  
محمد بن بلال  طلب الأمان من  
ابن حمدان  فأمنه ، وحضر عنده ، وأقام 
بالموصل  ، وتتابع 
الأكراد الحميدية  ، 
وأهل جبل داسن  إليه بالأمان ، فأمنت البلاد واستقامت .