[ ص: 617 ]   300 
ثم دخلت سنة ثلاثمائة 
ذكر 
عزل  الخاقاني  عن الوزارة ، ووزارة  علي بن عيسى  في هذه السنة ظهر  
للمقتدر  تخليط  
الخاقاني  ، وعجزه في الوزارة ، فأراد عزله ، وإعادة  
أبي الحسن بن الفرات  إلى الوزارة ، فمنعه  
 nindex.php?page=showalam&ids=16864مؤنس الخادم  عن  
ابن الفرات  لنفوره عنه لأمور ، منها : إنفاذ الجيش إلى 
فارس  مع غيره ، وإعادته إلى 
بغداذ  ، وقد ذكرناه ، فقال  
للمقتدر     : متى أعدته ظن الناس أنك إنما قبضت عليه شرها في ماله ، والمصلحة أن تستدعي  
علي بن عيسى  من 
مكة  وتجعله وزيرا ، فهو الكافي الثقة ، الصحيح العمل ، المتين الدين . 
فأمر  
المقتدر  بإحضاره ، فأنفذ من يحضره ، فوصل إلى 
بغداذ  أول سنة إحدى وثلاثمائة ، وجلس في الوزارة ، وقبض على  
الخاقاني     ( وسلم إليه ) ، فأحسن قبضه ، ووسع عليه ، وتولى  
علي بن عيسى  ، ولازم العمل والنظر في الأمور ، ( ورد المظالم ، وأطلق ) من المكوس شيئا كثيرا 
بمكة  وفارس  ، وأطلق المواخير والمفسدات 
بدوبق  ، وأسقط زيادات كان  
الخاقاني  قد زادها للجند ، لأنه عمل الدخل والخرج ، فرأى الخرج أكثر ، فأسقط أولئك ، وأمر بعمارة المساجد ، وتبييضها وفرشها بالحصر ، وإشعال الأضواء فيها ، وأجرى للأئمة ، والقراء ، والمؤذنين ، أرزاقا ، وأمر بإصلاح البيمارستانات ، وعمل ما يحتاج إليه المرضى من الأدوية ، وقرر فيها فضلاء الأطباء ، وأنصف المظلومين ، وأسقط ما زيد في خراج الضياع ، ولما عزل  
الخاقاني  أكثر الناس التزوير على خطه بمسامحات وإدارات ، فنظر  
علي بن عيسى  في تلك الخطوط ، فأنكرها ، وأراد إسقاطها ، فخاف ذم الناس ، ورأى   
[ ص: 618 ] أن ينفذها إلى  
الخاقاني  ليميز الصحيح من المزور عليه ، فيكون الذم له ، فلما عرضت تلك الخطوط عليه ، قال : هذه جميعها خطي وأنا أمرت بها ، فلما عاد الرسول إلى  
علي بن عيسى  بذلك قال : والله لقد كذب ، وقد علم المزور من غيره ، ولكنه اعترف بها ليحمده الناس ويذموني ، وأمر بها فأجيزت . 
وقال  
الخاقاني  لولده : يا بني هذه ليست خطي ، ولكنه أنفذها إلي وقد عرف الصحيح من السقيم ، ولكنه أراد أن يأخذ الشوك بأيدينا ، ويبغضنا إلى الناس ، وقد عكست مقصوده .