صفحة جزء
ذكر قتل بجكم

وفي هذه السنة قتل بجكم .

وكان سبب قتله أن أبا عبد الله البريدي أنفذ جيشا من البصرة إلى مذار ، فأنفذ بجكم جيشا إليهم عليهم توزون ، فاقتتلوا قتالا شديدا كان أولا على توزون ، فكتب إلى بجكم يطلب أن يلحق به ، فسار بجكم إليهم من واسط منتصف رجب ، فلقيه كتاب توزون بأنه ظفر بهم وهزمهم ، فأراد الرجوع إلى واسط ، فأشار عليه بعض أصحابه بأن يتصيد ، فقبل منه ، وتصيد حتى بلغ نهر جور ، فسمع أن هناك أكرادا لهم مال وثروة ، فشرهت نفسه ( إلى أخذه ) ، فقصدهم في قلة من أصحابه بغير جنة تقيه ، فهرب الأكراد من بين يديه ، ورمى هو أحدهم فلم يصبه ، فرمى آخر فأخطأه أيضا ، وكان لا يخيب سهمه ، فأتاه غلام من الأكراد من خلفه وطعنه في خاصرته ، وهو لا يعرفه ، فقتله وذلك [ ص: 94 ] لأربع بقين من رجب ، واختلف عسكره ، فمضى الديلم خاصة نحو البريدي ، وكانوا ألفا وخمسمائة ، فأحسن إليهم ، وأضعف أرزاقهم ، وأوصلها إليهم دفعة واحدة .

وكان البريدي قد عزم على الهرب من البصرة هو وإخوته ، وكان بجكم قد راسل أهل البصرة وطيب قلوبهم ، فمالوا إليه ، فأتى البريديين الفرج من حيث لم يحتسبوا ، وعاد أتراك بجكم إلى واسط ، وكان تكينك محبوسا بها ، حبسه بجكم ، وأخرجوه من محبسه ، فسار بهم إلى بغداذ ، وأظهروا طاعة المتقي لله .

وصار أبو الحسين أحمد بن ميمون يدبر الأمور ، واستولى المتقي على دار بجكم ، فأخذ ماله منها ، وكان قد دفن فيها مالا كثيرا ، وكذلك أيضا في الصحراء ; لأنه خاف أن ينكب فلا يصل إلى ماله في داره .

وكان مبلغ ما أخذ من ماله ودفائنه ألف ألف دينار ومائتي ألف دينار ، وكانت مدة إمارة بجكم سنتين وثمانية أشهر وتسعة أيام .

التالي السابق


الخدمات العلمية