صفحة جزء
[ ص: 104 ] ذكر قتل ابن رائق ، وولاية ابن حمدان إمرة الأمراء

كان المتقي لله قد أنفذ إلى ناصر الدولة بن حمدان يستمده على البريديين ، فأرسل أخاه سيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان نجدة له في جيش كثيف ، فلقي المتقي وابن رائق بتكريت قد انهزما ، فخدم سيف الدولة للمتقي خدمة عظيمة ، وسار معه إلى الموصل ، ففارقها ناصر الدولة إلى الجانب الشرقي ، وتوجه نحو معلثايا ، وترددت الرسل بينه وبين ابن رائق ، حتى تعاهدا واتفقا ، فحضر ناصر الدولة ونزل على دجلة بالجانب الشرقي ، فعبر إليه الأمير أبو منصور بن المتقي وابن رائق يسلمان عليه ، فنثر الدنانير والدراهم على ولد المتقي ، فلما أرادوا الانصراف من عنده ركب ابن المتقي ، وأراد ابن رائق الركوب ، فقال له ناصر الدولة : تقيم اليوم عندي لنتحدث فيما نفعله ، فاعتذر ابن رائق بابن المتقي ، فألح عليه ابن حمدان ، فاستراب به ، وجذب كمه من يده فقطعه ، وأراد الركوب فشب به الفرس فسقط ، فصاح ابن حمدان بأصحابه : اقتلوه . فقتلوه ، وألقوه في دجلة .

وأرسل ابن حمدان إلى المتقي يقول : إنه علم أن ابن رائق أراد أن يغتاله ، ففعل به ما فعل ، فرد عليه المتقي ردا جميلا ، وأمره بالمسير إليه ، فسار ابن حمدان إلى المتقي لله ، فخلع عليه ، ولقبه " ناصر الدولة " ، وجعله أمير الأمراء ، وذلك مستهل شعبان ، وخلع على أخيه أبي الحسين علي ، ولقبه " سيف الدولة " .

وكان قتل ابن رائق يوم الاثنين لتسع بقين من رجب . [ ص: 105 ] ولما قتل ابن رائق ، سار الإخشيد من مصر إلى دمشق ، وكان بها محمد بن يزداد خليفة ابن رائق ، فاستأمن إلى الإخشيد وسلم إليه دمشق ، فأقره عليها ، ثم نقله عنها إلى مصر وجعله على شرطتها ، ويقال أن لابن رائق شعرا منه :


يصفر وجهي إذا تأمله طرفي ويحمر وجهه خجلا     حتى كأن الذي بوجنته
من دم قلبي إليه قد نقلا

.

وقد قيل : إنها للراضي بالله ، وقد تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية