صفحة جزء
[ ص: 114 ] 331

ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة

ذكر ظفر ناصر بعدل البجكمي

في هذه السنة ظفر أبو عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان بعدل حاجب بجكم ، وسمله ، وسيره إلى بغداذ .

وسبب ذلك أن عدلا صار بعد قتل بجكم مع ابن رائق ، وسار معه ( إلى بغداذ ، وأصعد معه ) إلى الموصل ، فلما قتل ناصر الدولة أبا بكر بن رائق ، كما ذكرناه ، صار عدل في جملة ناصر الدولة ، فسيره ناصر الدولة مع علي بن خلف بن طياب إلى ديار مضر ، والشام الذي كان بيد ابن رائق ، ( وكان بالرحبة من جهة ابن رائق رجل يقال له مسافر بن الحسن ، فلما قتل ابن رائق ، استولى مسافر هذا على الناحية ، ومنع منها ، وجبى خراجها ، فأرسل إليه ابن طياب عدلا في جيش ليخرجه عن الرحبة ، فلما سار إليها ، فارقها مسافر من غير قتال ، وملك عدل الحاجب البلد ، وكاتب من ببغداد من البجكمية ، فقصدوه مستخفين ، فقوي أمره بهم ، واستولى على طريق الفرات وبعض الخابور .

ثم إن مسافرا جمع جمعا من بني نمير وسار إلى قرقيسيا ، فأخرج منها أصحاب عدل وملكها ، فسار عدل إليها ، واستتر عنها ، وعزم عدل على قصد الخابور وملكه ، فاحتاط أهله منه ، واستنصروا ببني نمير ، فلما علم ذلك عدل ، ترك قصدهم .

ثم صار يركب كل يوم قبل العصر بساعة في جميع عسكره ويطوف صحاري قرقيسيا إلى آخر النهار ، وعيونه تأتيه من أهل الخابور بأنهم يحذرون كلما سمعوا [ ص: 115 ] بحركته ، ففعل ذلك أربعين يوما ، فلما رأى أهل الخابور اتصال ركوبه ، وأنه لا يقصدهم ، فرقوا جمعهم وأمنوه ، فأتته عيونه بذلك على رسمه ، فلما تكامل رجاله أمرهم بالمسير ، وأن يرسلوا غلمانهم في حمل أثقالهم ، وسار لوقته فصبح الشمسانية ، وهي من أعظم قرى الخابور وأحصنها ، فتحصن أهلها منه ، فقاتلهم ونقب السور وملكها وقتل فيها ، وأخذ من أهلها مالا كثيرا ، وأقام بها أياما ، ثم سار إلى غيرها ، فبقي في الخابور ستة أشهر ، فجبى الخراج والأموال العظيمة ، واستظهر بها ، وقوي أصحابه بما وصل إليهم أيضا ، وعاد إلى الرحبة ، واتسعت حاله ، واشتد أمره ، وقصده العساكر من بغداذ ، فعظم حاله .

ثم إنه سار يريد نصيبين لعلمه ببعد ناصر الدولة عن الموصل والبلاد الجزيرية ، ولم يمكنه قصد الرقة وحران لأنها كان بها يأنس المؤنسي في عسكر ، ومعه جمع من بني نمير ، فتركها وسار إلى رأس عين ، ومنها إلى نصيبين ، فاتصل خبره بالحسين بن حمدان ، فجمع الجيش وسار إليه إلى نصيبين ، فلما قرب منه لقيه عدل في جيشه ، فلما التقى العسكران ، استأمن أصحابه من عدل إلى ابن حمدان ، وبقي معه منهم نفر يسير من خاصته ، فأسره ابن حمدان ، وأسر معه ابنه ، فسمل عدلا ، وسيرهما إلى بغداذ ، فوصلها في العشرين من شعبان ، فشهر هو وابنه فيها .

التالي السابق


الخدمات العلمية