ذكر 
ملك الروس  مدينة بردعة  
في هذه السنة خرجت طائفة من الروسية في البحر إلى نواحي 
أذربيجان  ، وركبوا في البحر في نهر الكر ، وهو نهر كبير ، فانتهوا إلى 
بردعة  ، فخرج إليهم نائب المرزبان ببردعة في جمع من 
الديلم  والمطوعة  يزيدون على خمسة آلاف رجل ، فلقوا 
الروس  ، فلم يكن إلا ساعة حتى انهزم المسلمون منهم ، وقتل 
الديلم  عن آخرهم ، تبعهم 
الروس  إلى البلد ، فهرب من كان له مركوب وترك البلد ، فنزله 
الروس  ونادوا فيه بالأمان فأحسنوا السيرة . 
وأقبلت العساكر الإسلامية من كل ناحية ، فكانت 
الروس  تقاتلهم ، فلا يثبت المسلمون لهم ، وكان عامة البلد يخرجون ويرجمون 
الروس  بالحجارة ، ويصيحون بهم ،   
[ ص: 129 ] فينهاهم 
الروس  عن ذلك ، فلم ينتهوا ، سوى العقلاء فإنهم كفوا أنفسهم وسائر العامة والرعاع لا يضبطون أنفسهم ، فلما طال ذلك عليهم نادى مناديهم بخروج أهل البلد منه ، وأن لا يقيموا بعد ثلاثة أيام ، فخرج من كان له ظهر يحمله ، وبقي أكثرهم بعد الأجل ، فوضع الروسية فيهم السلاح ، فقتلوا منهم خلقا كثيرا ، وأسروا بعد القتل بضعة عشر ألف نفس ، وجمعوا من بقي بالجامع ، وقالوا : اشتروا أنفسكم وإلا قتلناكم ، وسعى لهم إنسان نصراني ، فقرر عن كل رجل عشرين درهما ، فلم يقبل منهم إلا عقلاؤهم ، فلما رأى الروسية أنه لا يحصل منهم شيء ، قتلوهم عن آخرهم ، ولم ينج منهم إلا الشريد ، وغنموا أموال أهلها واستعبدوا السبي ، واختاروا من النساء من استحسنوها .