[ ص: 195 ]   340 
ثم دخلت سنة أربعين وثلاثمائة 
ذكر 
وفاة  منصور بن قراتكين  وأبي المظفر بن محتاج  
في هذه السنة مات  
منصور بن قراتكين  صاحب الجيوش 
الخراسانية  في شهر ربيع الأول ، بعد عوده من 
أصبهان  إلى 
الري  ، فذكر 
العراقيون  أنه أدمن الشرب عدة أيام بلياليها ، فمات فجأة ، وقال 
الخراسانيون    : إنه مرض ومات ، والله أعلم . 
ولما مات ، رجعت العساكر 
الخراسانية  إلى 
نيسابور  ، وحمل تابوت  
منصور  ، ودفن إلى جانب والده 
بأسبيجاب    . 
ومن عجيب ما يحكى أن  
منصورا  لما سار من 
نيسابور  إلى 
الري  ، سير غلاما له إلى 
أسبيجاب  ليقيم في رباط والده  
قراتكين  الذي فيه قبره ، فلما ودعه ، قال : كأنك بي قد حملت في تابوت إلى تلك البرية ، فكان كما قال بعد قليل : مات وحمل تابوته إلى ذلك الرباط ، ودفن عند قبر والده . 
وفيها توفي  
أبو المظفر بن أبي علي بن محتاج  ببخارى  ، كان قد ركب دابة أنفذها إليه أبوه ، فألقته وسقطت عليه فهشمته ، ومات من يومه ، وذلك في ربيع الأول ، وعظم موته على الناس كافة ، وشق موته على الأمير  
نوح  ، وحمل إلى 
الصغانيان  إلى والده  
أبي علي  ، وكان مقيما بها . 
ذكر عود  
أبي علي  إلى 
خراسان  
وفي هذه السنة أعيد  
أبو علي بن محتاج  إلى قيادة الجيوش 
بخراسان  ، وأمر بالعود إلى 
نيسابور    . 
وكان سبب ذلك أن  
منصور  بن قراتكين كان قد تأذى بالجند ، واستصعب   
[ ص: 196 ] إيالتهم ، وكانوا قد استبدوا بالأمور دونه ، وعاثوا في نواحي 
نيسابور  ، فتواترت كتبه إلى الأمير  
نوح  بالاستعفاء من ولايتهم ، ويطلب أن يقتصر به على هراة ، ويولي ما بيده من أراد  
نوح  ، فكان  
نوح  يرسل إلى  
أبي علي  يعده بإعادته إلى مرتبته ، فلما توفي  
منصور  ، أرسل الأمير  
نوح  إلى  
أبي علي  الخلع واللواء ، وأمره بالمسير إلى 
نيسابور  ، وأقطعه 
الري  وأمره بالمسير إليها ، فسار عن 
الصغانيان  في شهر رمضان ، واستخلف مكانه ابنه  
أبا منصور  ، ووصل إلى مرو وأقام بها إلى أن أصبح أمر خوارزم ، وكانت شاغرة ، وسار إلى 
نيسابور  ، فوردها في ذي الحجة فأقام بها . 
ذكر 
الحرب بصقلية  بين المسلمين والروم  
كان  
المنصور العلوي  صاحب 
إفريقية  قد استعمل على 
صقلية  سنة ست وثلاثين وثلاثمائة  
الحسن بن علي بن أبي الحسين الكلبي  ، فدخلها واستقر بها كما ذكرناه ، وغزا 
الروم  الذين بها عدة غزوات ، فاستمدوا ملك 
قسطنطينية  فسير إليهم جيشا كثيرا ، فنزلوا 
أذرنت  ، فأرسل  
الحسن بن علي  إلى  
المنصور  يعرفه الحال ، فسير إليه جيشا كثيفا مع خادمه  
فرح  ، فجمع  
الحسن  جنده مع 
الواصلين  ، وسار إلى 
ريو  ، وبث السرايا في أرض 
قلورية  ، وحاصر  
الحسن  جراجة  أشد حصار ، فأشرف أهلها على الهلاك من شدة العطش ولم يبق إلا أخذها ، فأتاه الخبر أن عسكر 
الروم  واصل إليه ، فهادن 
أهل جراجة   على مال يؤدونه ، وسار إلى 
الروم  ، فلما سمعوا بقربه منهم ، انهزموا بغير قتال وتركوا 
أذرنت    . 
ونزل  
الحسن  على 
قلعة قسانة  ، وبث سراياه تنهب ، فصالحه 
أهل قسانة   على مال ، ولم يزل كذلك إلى شهر ذي الحجة ، وكان المصاف بين المسلمين وعسكر 
قسطنطينية  ومن معه من 
الروم  الذين 
بصقلية  ليلة الأضحى ، واقتتلوا واشتد القتال ، فانهزم 
الروم  ، وركبهم المسلمون يقتلون ويأسرون إلى الليل ، وغنموا جميع أثقالهم ، وسلاحهم ، ودوابهم ، وسير الرءوس إلى مدائن 
صقلية  ، 
وإفريقية  ، وحصر  
الحسن  جراجة  ، فصالحوه على مال يحملونه ، ورجع عنهم ، وسير سرية إلى المدينة بطرقوقة ففتحوها ، وغنموا ما فيها .   
[ ص: 197 ] ولم يزل  
الحسن  بجزيرة صقلية  إلى سنة إحدى وأربعين [ وثلاثمائة ] ، فمات  
المنصور  ، فسار عنها إلى 
إفريقية  ، واتصل  
بالمعز بن المنصور  ، واستخلف على 
صقلية  ابنه  
أبا الحسن أحمد     . 
ذكر عدة حوادث 
في هذه السنة رفع إلى  
المهلبي  أن رجلا يعرف  
بالبصري  مات 
ببغداذ  ، وهو مقدم 
القراقرية  يدعي أن روح  
أبي جعفر محمد بن علي بن أبي القراقر  قد حلت فيه ، وأنه خلف مالا كثيرا كان يجبيه من هذه الطائفة ، وأن له أصحابا يعتقدون ربوبيته ، وأن أرواح الأنبياء والصديقين حلت فيهم ، فأمر بالختم على التركة ، والقبض على أصحابه ، والذي قام بأمرهم بعده ، فلم يجد إلا مالا يسيرا ، ورأى دفاتر فيها أشياء من مذاهبهم . 
وكان فيهم غلام شاب يدعي أن روح  
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب  حلت فيه ، وامرأة يقال لها 
فاطمة  تدعي أن روح 
فاطمة  حلت فيها ، وخادم 
لبني بسطام  يدعي أنه 
ميكائيل  ، فأمر بهم  
المهلبي  فضربوا ونالهم مكروه ، ثم إنهم توصلوا بمن ألقى إلى  
معز الدولة  أنهم من شيعة  
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب  ، فأمر بإطلاقهم ، وخاف  
المهلبي  أن يقيم على تشدده في أمرهم فينسب إلى ترك التشيع ، فسكت عنهم . 
[ الوفيات   ] 
وفي هذه السنة توفي  عبيد الله بن الحسين بن لال أبو الحسن الكرخي  الفقيه الحنفي المشهور في شعبان ، ومولده سنة ستين ومائتين ، وكان عابدا معتزليا . وفيها توفي  
أبو جعفر  الفقيه 
ببخارى    .