[ ص: 214 ]   345 
ثم دخلت سنة خمس وأربعين وثلاثمائة 
ذكر 
عصيان  روزبهان  على  معز الدولة  
في هذه السنة خرج  
روزبهان ( بن ) ونداد خرشيد الديلمي  على  
معز الدولة  ، وعصى عليه ، وخرج أخوه  
بلكا بشيراز  ، وخرج أخوهما  
أسفار  بالأهواز  ، ولحق  
روزبهان  إلى 
الأهواز  ، وكان يقاتل  
عمران  بالبطيحة  ، فعاد إلى 
واسط  وسار إلى 
الأهواز  في رجب ، وبها الوزير  
المهلبي  ، فأراد محاربة  
روزبهان  ، فاستأمن رجاله إلى  
روزبهان  ، فانحاز  
المهلبي  عنه . 
وورد الخبر بذلك إلى  
معز الدولة  فلم يصدقه لإحسانه إليه ، لأنه رفعه بعد الضعة ، ونوه بذكره بعد الخمول ، فتجهز  
معز الدولة  إلى محاربته ، ومال 
الديلم  بأسرهم إلى  
روزبهان  ، ولقوا  
معز الدولة  بما يكره ، واختلفوا عليه وتتابعوا على المسير إلى  
روزبهان  ، وسار  
معز الدولة  عن 
بغداذ  خامس شعبان ، وخرج  
 nindex.php?page=showalam&ids=15258الخليفة المطيع لله  منحدرا إلى  
معز الدولة     ; لأن  
ناصر الدولة  لما بلغه الخبر ، سير العساكر من 
الموصل  مع ولده  
أبي المرجى جابر  لقصد 
بغداذ  والاستيلاء عليها ، فلما بلغ ذلك الخليفة ، انحدر من 
بغداذ  ، فأعاد  
معز الدولة  الحاجب سبكتكين  وغيره ممن يثق بهم من عسكره إلى 
بغداذ  ، فشغب 
الديلم  الذين 
ببغداد  ، فوعدوا بأرزاقهم فسكنوا وهم على قنوط من  
معز الدولة     . 
( وأما  
معز الدولة     ) فإنه سار إلى أن بلغ 
قنطرة أربق  ، فنزل هناك وجعل على الطرق من يحفظ أصحاب 
الديلم  من الاستئمان إلى  
روزبهان  ، لأنهم كانوا يأخذون العطاء   
[ ص: 215 ] منه ثم يهربون عنه ، وكان اعتماد  
معز الدولة  على أصحابه 
الأتراك  ومماليكه ونفر يسير من 
الديلم    . 
فلما كان سلخ رمضان ، أراد  
معز الدولة  العبور هو وأصحابه الذين يثق بهم إلى محاربة  
روزبهان  ، فاجتمع 
الديلم  وقالوا  
لمعز الدولة     : إن كنا رجالك ، فأخرجنا معك نقاتل بين يديك ، فإنه لا صبر لنا على القعود مع الصبيان والغلمان ، فإن ظفرت كان الاسم لهؤلاء دوننا ، وإن ظفر عدوك لحقنا العار ، وإنما قالوا هذا الكلام خديعة ليمكنهم من العبور معه فيتمكنوا ( منه ، فلما سمع قولهم ) سألهم التوقف ، وقال : إنما أريد [ أن ] أذوق حربهم ثم أعود ، فإذا كان الغد لقيناهم بأجمعنا وناجزناهم ، وكان يكثر لهم العطاء فأمسكوا عنه . 
وعبر  
معز الدولة  ، وعبأ أصحابه  
كراديس  تتناوب الحملات ، فما زالوا كذلك إلى غروب الشمس ، ففني نشاب 
الأتراك  وتعبوا ، وشكوا إلى  
معز الدولة  ما أصابهم من التعب ، وقالوا : نستريح الليلة ونعود غدا ، فعلم  
معز الدولة  أنه إن رجع ، زحف إليه  
روزبهان  والديلم  ، وثار معهم أصحابه 
الديلم  ، فيهلك ولا يمكنه الهرب ، فبكى بين يدي أصحابه ، وكان سريع الدمعة ، ثم سألهم أن تجمع 
الكراديس  كلها ويحملوا حملة واحدة ، ( وهو في أولهم ) ، فإما أن يظفروا ، وإما أن يقتل ( أول من يقتل ) ، فطالبوه بالنشاب ، فقال : قد بقي مع صغار الغلمان نشاب ، فخذوه واقسموه . 
وكان جماعة صالحة من الغلمان الأصاغر تحتهم الخيل الجياد ، وعليهم اللبس الجيد ، وكانوا سألوا  
معز الدولة  أن يأذن لهم في الحرب ، فلم يفعل ، وقال : إذا جاء وقت يصلح لكم أذنت لكم في القتال ، فوجه إليهم تلك الساعة من يأخذ منهم النشاب ، وأومأ  
معز الدولة  إليهم بيده أن اقبلوا منه وسلموا إليه النشاب ، فظنوا أنه يأمرهم بالحملة ، فحملوا وهم مستريحون ، فصدموا صفوف  
روزبهان  فخرقوها ، وألقوا بعضها فوق بعض ، فصاروا خلفهم ، وحمل  
معز الدولة  فيمن معه باللتوت ، فكانت الهزيمة على  
روزبهان  وأصحابه ، وأخذ  
روزبهان  أسيرا وجماعة من قواده ، وقتل من أصحابه خلق كثير ، وكتب   
[ ص: 216 ] معز الدولة     ( بذلك ، فلم يصدق الناس ) لما علموا من قوة  
روزبهان  وضعف  
معز الدولة  ، وعاد إلى 
بغداذ  ومعه  
روزبهان  ليراه الناس ، وسير  
سبكتكين  إلى  
أبي المرجى بن ناصر الدولة  ، وكان 
بعكبرا  ، فلم يلحقه لأنه لما بلغه الخبر ، عاد إلى 
الموصل  ، وسجن  
معز الدولة  روزبهان  ، فبلغه أن 
الديلم  قد عزموا على إخراجه قهرا والمبايعة له ، فأخرجه ليلا وغرقه . 
وأما أخو  
روزبهان  الذي خرج 
بشيراز  ، فإن الأستاذ  
 nindex.php?page=showalam&ids=12826أبا الفضل بن العميد  سار إليه في الجيوش ، فقاتله فظفر به ، وأعاد  
 nindex.php?page=showalam&ids=16564عضد الدولة ( بن ركن الدولة     ) إلى ملكه ، وانطوى خبر  
روزبهان  وإخوته ، وكان قد اشتعل اشتعال النار . 
وقبض  
معز الدولة  على جماعة من 
الديلم  ، وترك من سواهم ، واصطنع 
الأتراك  وقدمهم ، وأمرهم بتوبيخ 
الديلم  والاستطالة عليهم ، ثم أطلق 
للأتراك  إطلاقات زائدة على 
واسط    ( 
والبصرة    ) ، فساروا لقبضها مدلين بما صنعوا ، فأخربوا البلاد ونهبوا الأموال ، وصار ضررهم أكثر من نفعهم . 
ذكر 
غزو  سيف الدولة  بلاد الروم  
في هذه السنة في رجب ، سار  
 nindex.php?page=showalam&ids=16077سيف الدولة بن حمدان  في جيوش إلى بلاد 
الروم  وغزاها حتى بلغ 
خرشنة  ، 
وصارخة  ، وفتح عدة حصون ، وسبى وأسر ، وأحرق وخرب ، وأكثر القتل فيهم ، ورجع إلى 
أذنة  فأقام بها حتى جاءه رئيس 
طرسوس  ، فخلع عليه وأعطاه شيئا كثيرا ، وعاد إلى 
حلب    .  
[ ص: 217 ] فلما سمع 
الروم  بما فعل ، جمعوا وساروا إلى 
ميافارقين  ، وأحرقوا سوادها ونهبوه ، وخربوا وسبوا أهله ، ونهبوا أموالهم وعادوا . 
ذكر عدة حوادث 
في هذه السنة وقعت الفتنة 
بأصبهان  بين أهلها وبين أهل قم بسبب المذاهب ، وكان سببها أنه قيل عن رجل قمي إنه سب بعض الصحابة ، وكان من أصحاب شحنة 
أصبهان  ، فثار أهلها ، واستغاثوا 
بأهل السواد  ، فاجتمعوا في خلق لا يحصون كثرة ، وحضروا 
دار الشحنة  ، وقتل بينهم قتلى ، ونهب 
أهل أصبهان   أموال التجار من 
أهل قم   ، فبلغ الخبر  
ركن الدولة  ، فغضب لذلك وأرسل إليها فطرح على أهلها مالا كثيرا . 
[ الوفيات   ] 
وفيها توفي  
محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم أبو عمرو  الزاهد ، غلام  
ثعلب  ، في ذي القعدة . 
وفيها كانت الزلزلة 
بهمذان  ، 
وأستراباذ  ونواحيها ، وكانت عظيمة أهلكت تحت الهدم خلقا كثيرا ، وانشقت منها حيطان 
قصر شيرين  من صاعقة . 
وفيها في جمادى الآخرة ، سار 
الروم  في البحر ، فأوقعوا 
بأهل طرسوس   ، وقتلوا منهم ألفا وثمانمائة رجل ، وأحرقوا القرى التي حولها . 
وفيها سار  
الحسن بن علي  صاحب 
صقلية  على أسطول كثير إلى بلاد 
الروم    .