صفحة جزء
[ ص: 434 ] 380

ثم دخلت سنة ثمانين وثلاثمائة

ذكر قتل باذ

في هذه السنة قتل باذ الكردي ، صاحب ديار بكر .

وكان سبب قتله أن أبا طاهر والحسين ابني حمدان لما ملكا الموصل طمع فيها باذ ، وجمع الأكراد فأكثر ، وممن أطاعه الأكراد البشنوية أصحاب قلعة فنك ، وكانوا كثيرا ، ففي ذلك يقول الحسين البشنوي الشاعر لبني مروان يعتد عليهم بنجدتهم خالهم باذا من قصيدة : البشنوية

أنصار لدولتكم وليس في ذا خفا في العجم والعرب أنصار     باذ بأرجيش وشيعته
بظاهر الموصل الحدباء في العطب     بباجلايا جلونا عنه غمته
ونحن في الروع جلاءون للكرب

وكاتب أهل الموصل فاستمالهم ، فأجابه بعضهم فسار إليهم ، ونزل بالجانب الشرقي ، فضعفا عنه ، وراسلا أبا الذواد محمد بن المسيب ، أمير بنى عقيل ، واستنصراه ، فطلب منهما جزيرة ابن عمر ، ونصيبين ، وبلدا ، وغير ذلك ، فأجاباه إلى ما طلب ، واتفقوا ، وسار إليه أبو عبد الله بن حمدان وأقام أبو طاهر بالموصل يحارب باذا .

فلما اجتمع أبو عبد الله وأبو الذواد سارا إلى بلد ، وعبرا دجلة ، وصارا مع باذ [ ص: 435 ] على أرض واحدة وهو لا يعلم ، فأتاه الخبر بعبورهما وقد قارباه ، فأراد الانتقال إلى الجبل لئلا يأتيه هؤلاء من خلفه وأبو طاهر من أمامه ، فاختلط أصحابه ، وأدركه الحمدانية ، فناوشوهم القتال ، وأراد باذ الانتقال من فرس إلى آخر ، فسقط واندقت ترقوته ، فأتاه ابن أخته أبو علي بن مروان ، وأراده على الركوب فلم يقدر ، فتركوه وانصرفوا واحتموا بالجبل .

ووقع باذ بين القتلى فعرفه بعض العرب فقتله وحمل رأسه إلى بني حمدان وأخذ جائزة سنية ، وصلبت جثته على دار الإمارة ، فثار العامة وقالوا : رجل غاز ، ولا يحل فعل هذا به . وظهر منهم محبة كثيرة له ، وأنزلوه وكفنوه وصلوا عليه ودفنوه .

التالي السابق


الخدمات العلمية