صفحة جزء
[ ص: 442 ] 381

ثم دخلت سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة

ذكر القبض على الطائع لله

في هذه السنة قبض ( الطائع لله ، قبضه ) بهاء الدولة ، وهو الطائع لله أبو بكر عبد الكريم بن الفضل المطيع لله بن جعفر المقتدر بالله بن المعتضد بالله بن أبي أحمد الموفق بن المتوكل .

وكان سبب ذلك أن الأمير بهاء الدولة قلت عنده الأموال ، فكثر شغب الجند ، فقبض على وزيره سابور ، فلم يغن عنه ذلك شيئا .

وكان أبو الحسن بن المعلم قد غلب على بهاء الدولة ، وحكم في مملكته ، فحسن له القبض على الطائع ، وأطمعه في ماله ، وهون عليه ذلك وسهله ، فأقدم عليه بهاء الدولة ، وأرسل إلى الطائع وسأله الإذن في الحضور في خدمته ليجدد العهد به ، فأذن له في ذلك ، وجلس له كما جرت العادة ، فدخل بهاء الدولة ومعه جمع كثير ، فلما دخل قبل الأرض ، وأجلس على كرسي ، فدخل بعض الديلم كأنه يريد [ أن ] يقبل يد الخليفة فجذبه ، فأنزله عن سريره ، والخليفة يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ! وهو يستغيث ولا يلتفت إليه ، وأخذ ما في دار الخليفة من الذخائر ( فمشوا به [ في ] الحال ) ، ونهب الناس بعضهم بعضا ، وكان من جملتهم الشريف الرضي فبادر بالخروج فسلم وقال أبياتا من جملتها : [ ص: 443 ] من بعد ما كان رب الملك مبتسما إلي أدنوه في النجوى ويدنيني أمسيت أرحم من قد كنت أغبطه لقد تقارب بين العز والهون ( ومنظر كان بالسراء يضحكني يا قرب ما عاد بالضراء يبكيني ) هيهات أغتر بالسلطان ثانية قد ضل ولاج أبواب السلاطين

ولما حمل الطائع إلى دار بهاء الدولة أشهد عليه بالخلع ، وكانت مدة خلافته سبع عشرة سنة وثمانية شهور وستة أيام ، وحمل إلى القادر بالله لما ولي الخلافة ، فبقي عنده إلى أن توفي سنة ثلاث وتسعين [ وثلاثمائة ] ، ليلة الفطر ، وصلى عليه القادر بالله ، وكبر عليه خمسا .

وكان مولده سنة سبع عشرة وثلاثمائة ، وكان أبيض ، مربوعا ، حسن الجسم وكان أنفه كبيرا جدا ، وكان شديد القوة ، كثير الإقدام ، اسم أمه عتب ، وعاشت إلى أن أدركت أيامه ، ولم يكن له من الحكم في ولايته ما يعرف به حال يستدل به على سيرته .

التالي السابق


الخدمات العلمية