صفحة جزء
ذكر وفاة الصاحب بن عباد

في هذه السنة مات الصاحب أبو القاسم إسماعيل بن عباد ، وزير فخر الدولة بالري ، وكان واحد زمانه علما وفضلا ، وتدبيرا ، وجودة رأي ، وكرما ، عالما بأنواع العلوم ، وعارفا بالكتابة وموادها ، ورسائله مشهورة مدونة ، وجمع من الكتب ما لم يجمعه غيره ، حتى إنه كان يحتاج في نقلها إلى أربعمائة جمل .

ولما مات وزر بعده لفخر الدولة أبو العباس أحمد بن إبراهيم الضبي الملقب بالكافي .

ولما حضره الموت قال لفخر الدولة : قد خدمتك خدمة استفرغت فيها وسعي [ ص: 470 ] وسرت سيرة جلبت لك حسن الذكر ، فإن أجريت الأمور على ما كانت عليه نسب ذلك الجميل إليك وتركت أنا ، وإن عدلت عنه كنت أنا المشكور ونسبت الطريقة الثانية إليك وقدح ذلك في دولتك . فكان هذا نصحه له إلى أن مات .

فلما توفي أنفذ فخر الدولة من احتاط على ماله وداره ، ونقل جميع ما فيها إليه ، فقبح الله خدمة الملوك ، هذا فعلهم مع من نصح لهم ، فكيف مع غيره .

ونقل الصاحب بعد ذلك إلى أصبهان ، وكثير ما بين فعل فخر الدولة مع ابن عباد وبين العزيز بالله العلوي مع وزيره يعقوب بن كلس وقد تقدم .

وكان الصاحب بن عباد قد أحسن إلى القاضي عبد الجبار بن أحمد المعتزلي وقدمه ، وولاه قضاء الري وأعمالها ، فلما توفي قال عبد الجبار : لا أرى الترحم عليه ، لأنه مات عن غير توبة ظهرت منه ، فنسب عبد الجبار إلى قلة الوفاء .

ثم إن فخر الدولة قبض على عبد الجبار وصادره ، فباع في جملة ما باع ألف طيلسان ، وألف ثوب صوف رفيع ، فلم لا نظر لنفسه ، وتاب عن أخذ مثل هذا واذخاره من غير حله ؟ .

ثم إن فخر الدولة قبض على أصحاب ابن عباد وأبطل كل مسامحة كانت منه ، وقرر هو ووزراؤه المصادرات في البلاد ، فاجتمع له منها كثير ، ثم تمزق بعد وفاته في أقرب مدة ، وحصل بالوزر وسوء الذكر .

التالي السابق


الخدمات العلمية