صفحة جزء
ذكر استيلاء صمصام الدولة على البصرة

في هذه السنة سار قائد كبير من قواد صمصام الدولة ، اسمه لشكرستان ، إلى البصرة ، فأجلى عنها نواب بهاء الدولة .

وسبب ذلك أن الأتراك لما عادوا عن العلاء ، كما ذكرناه ، كان لشكرستان هذا مع العلاء ، فأتاهم من الديلم الذين مع بهاء الدولة أربعمائة رجل مستأمنين ، فأخذهم لشكرستان ، وسار بهم بمن معه إلى البصرة ، فكثر جمعه ، فنزلوا قرب البصرة بين البساتين يقاتلون أصحاب بهاء الدولة ، ومال إليهم بعض أهل البصرة ، ومقدمهم أبو الحسن بن أبي جعفر العلوي ، وكانوا يحملون إليهم الميرة .

وعلم بهاء الدولة بذلك ، فأنفذ من يقبض عليهم ، فهرب كثير منهم إلى لشكرستان ، فقوي بهم ، وجمعوا السفن وحملوه فيها ، ونزلوا إلى البصرة ، فقاتلوا أصحاب بهاء الدولة بها ، وأخرجوهم عنها ، وملك لشكرستان البصرة ، وقتل من أهلها كثيرا وهرب كثير منهم ، وأخذ كثيرا من أموالهم .

فكتب بهاء الدولة إلى مهذب الدولة ، صاحب البطيحة ، يقول : أنت أحق بالبصرة . فسير إليها جيشا مع عبد الله بن مرزوق ، فأجلى لشكرستان عن البصرة ، فقيل : إنه سار عن البصرة بغير حرب ودخلها ابن مرزوق .

وقيل : إنما فارقها بعد أن حارب فيها ، وضعف عن المقام بين يديه . وصفت البصرة لمهذب الدولة .

[ ص: 483 ] ثم إن لشكرستان عمل على العود إلى البصرة ، فهجم عليها في السفن ، ونزل أصحابه بسوق الطعام ، واقتتلوا ، فاستظهر لشكرستان ، وكاتب بهاء الدولة يطلب المصالحة ، ويبذل الطاعة ، ويخطب له بالبصرة ، فأجابه مهذب الدولة إلى ذلك ، وأخذ ابنه رهينة .

وكان لشكرستان يظهر طاعة صمصام الدولة وبهاء الدولة ومهذب الدولة ، وعسف أهل البصرة مدة ، فتفرقوا ، ثم إنه أحسن إليهم ( وعدل فيهم ) ، فعادوا .

التالي السابق


الخدمات العلمية