صفحة جزء
ذكر ملك بهاء الدولة فارس وخوزستان

في هذه السنة دخل الديلم الذين مع أبي علي بن أستاذ هرمز بالأهواز في طاعة بهاء الدولة .

وكان سبب ذلك أن ابني بختيار لما قتلا صمصام الدولة ، كما تقدم ، وملكا بلاد فارس ، كتبا إلى أبي علي بن أستاذ هرمز بالخبر ، ويذكران تعويلهما عليه ، واعتضادهما به ، ويأمرانه بأخذ اليمين لهما على من معه من الديلم ، والمقام بمكانه ، والجد بمحاربة بهاء الدولة . فخافهما أبو علي لما كان أسلفه إليهما من قبل أخويهما وأسرهما ، فجمع الديلم الذي معه وأخبرهم الحال ، واستشارهم فيما يفعل ، فأشاروا بطاعة ابني بختيار ومقاتلة بهاء الدولة ، فلم يوافقهم على ذلك ، ورأى أن يراسل بهاء الدولة ويستميله ويحلفه لهم ، فقالوا : إنا نخاف الأتراك ، وقد عرفت ما بيننا وبينهم ، فسكت عنهم وتفرقوا .

وراسله بهاء الدولة يستميله ، ويبذل له وللديلم الأمان والإحسان ، وترددت الرسل ، وقال بهاء الدولة : إن ثأري وثأركم عند من قتل أخي ، فلا عذر لكم في التخلف عن الأخذ بثأره ، واستمال الديلم فأجابوه إلى الدخول في طاعته ، وأنفذوا [ ص: 507 ] جماعة من أعيانهم إلى بهاء الدولة فحلفوه واستوثقوا منه ، وكتبوا إلى أصحابهم المقيمين بالسوس بصورة الحال .

وركب بهاء الدولة من الغد إلى باب السوس ، رجاء أن يخرج من فيه إلى طاعته ، فخرجوا إليه في السلاح ، وقاتلوه قتالا شديدا لم يقاتلوا مثله ، فضاق صدره ، فقيل له إن هذه عادة الديلم أن يشتد قتالهم عند الصلح ، لئلا يظن بهم ، ثم كفوا عن القتال وأرسلوا من يحلفه لهم ، ونزلوا إلى خدمته ، واختلط العسكران ، وساروا إلى الأهواز ، فقرر أبو علي بن إسماعيل أمورها ، وقسم الإقطاعات بين الأتراك والديلم ، ثم ساروا إلى رامهرمز فاستولوا عليها وعلى أرجان وغيرها من بلاد خوزستان .

وسار أبو علي بن إسماعيل إلى شيراز ، فنزل بظاهرها ، فخرج إليه ابنا بختيار في أصحابهما ، فحاربوه ، فلما اشتدت الحرب مال بعض من معهما إليه ، ودخل بعض أصحابه البلد ، ونادوا بشعار بهاء الدولة ، وكان النقيب أبو أحمد الموسوي بشيراز قد وردها رسولا من بهاء الدولة إلى صمصام الدولة ، فلما قتل صمصام الدولة كان بشيراز ، فلما سمع النداء بشعار بهاء الدولة ظن أن الفتح قد تم ، فقصد الجامع ، وكان يوم الجمعة ، وأقام الخطبة لبهاء الدولة .

ثم عاد ابنا بختيار ، واجتمع إليهما أصحابهما ، فخاف النقيب ، فاختفى ، وحمل في سلة إلى أبي علي بن إسماعيل ثم إن أصحاب ابني بختيار قصدوا أبا علي وأطاعوه ، فاستولى على شيراز ، وهرب ابنا بختيار فأما أبو نصر فإنه لحق ببلاد الديلم ، وأما الثاني ، وهو أبو القاسم ، فلحق ببدر بن حسنويه ثم قصد البطيحة .

ولما ملك أبو علي شيراز كتب إلى بهاء الدولة بالفتح ، فسار إليها ونزلها ، فلما استقر بها أمر بنهب قرية الدودمان وإحراقها ، وقتل كل من كان بها من أهلهم فاستأصلهم ، وأخرج أخاه صمصام الدولة وجدد أكفانه ، وحمل إلى التربة بشيراز فدفن [ ص: 508 ] بها ، وسير عسكرا مع أبي الفتح أستاذ هرمز إلى كرمان فملكها وأقام بها نائبا عن بهاء الدولة .

إلى هاهنا آخر ما في " ذيل " الوزير أبي شجاع ، رحمه الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية