صفحة جزء
ذكر وفاة المنصور بن أبي عامر

في هذه السنة توفي أبو عامر محمد بن أبي عامر المعافري ، الملقب بالمنصور ، أمير الأندلس مع المؤيد هشام بن الحاكم ، وقد تقدم ذكره عند ذكر المؤيد ، وكان أصله من الجزيرة الخضراء من بيت مشهور بها ، وقدم قرطبة طالبا للعلم ، وكانت له همة ، فتعلق بوالدة المؤيد في حياة أبيه المستنصر .

فلما ولي هشام كان صغيرا ، فتكفل المنصور لوالدته القيام بأمره ، وإخماد الفتن الثائرة عليه ، وإقرار الملك عليه ، فولته أمره وكان شهما ، شجاعا ، قوي النفس ، حسن التدبر ، فاستمال العساكر وأحسن إليهم ، فقوي أمره ، وتلقب بالمنصور ، وتابع الغزوات إلى الفرنج وغيرهم ، وسكنت البلاد معه ، فلم يضطرب منها شيء .

وكان عالما ، محبا للعلماء ، يكثر مجالستهم ويناظرهم ، وقد أكثر العلماء ذكر مناقبه ، وصنفوا لها تصانيف كثيرة ، ولما مرض كان متوجها إلى الغزو ، فلم يرجع ، [ ص: 531 ] ودخل بلاد العدو فنال منهم وعاد وهو مثقل ، فتوفي بمدينة سالم ، وكان قد جمع الغبار الذي وقع على درعه ( في غزواته شيئا صالحا ) ، فأمر أن يجعل في كفنه تبركا به .

وكان حسن الاعتقاد والسيرة ، عادلا ، كانت أيامه أعيادا لنضارتها ، وأمن الناس فيها ، رحمه الله . وله شعر جيد ، وكانت أمه تميمية ، ولما مات ولي بعده ابنه المظفر أبو مروان عبد الملك ، فجرى مجرى أبيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية