صفحة جزء
حرب حاطب

ثم كانت الوقعة المعروفة بحاطب . وهو حاطب بن قيس من بني أمية بن زيد بن مالك بن عوف الأوسي ، وبينها وبين حرب سمير نحو مائة سنة . وكان بينهما أيام ذكرنا المشهور منها وتركنا ما ليس بمشهور . وحرب حاطب آخر وقعة كانت بينهم إلا يوم بعاث حتى جاء الله بالإسلام .

[ ص: 596 ] وكان سبب هذه الحرب أن حاطبا كان رجلا شريفا سيدا فأتاه رجل من بني ثعلبة بن سعد بن ذبيان فنزل عليه ، ثم إنه غدا يوما إلى سوق بني قينقاع ، فرآه يزيد بن الحارث المعروف بابن فسحم ، وهي أمه ، وهو من بني الحارث بن الخزرج . فقال يزيد لرجل يهودي : لك ردائي إن كسعت هذا التغلبي . فأخذ رداءه وكسعه كسعة سمعها من بالسوق . فنادى التغلبي : يا آل حاطب كسع ضيفك وفضح ! وأخبر حاطب بذلك ، فجاء إليه فسأله من كسعه ، فأشار إلى اليهودي ، فضربه حاطب بالسيف فلق هامته ، فأخبر ابن فسحم الخبر ، وقيل له : قتل اليهودي ، قتله حاطب ، فأسرع خلف حاطب فأدركه وقد دخل بيوت أهله ، فلقي رجلا من بني معاوية فقتله . فثارت الحرب بين الأوس والخزرج واحتشدوا واجتمعوا والتقوا على جسر ردم بني الحارث بن الخزرج . وكان على الخزرج هؤلاء عمرو بن النعمان البياضي ، وعلى الأوس حضير بن سماك الأشهلي . وقد كان ذهب ذكر ما وقع بينهم من الحروب فيمن حولهم من العرب ، فسار إليهم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري وخيار بن مالك بن حماد الفزاري ، فقدما المدينة وتحدثا مع الأوس والخزرج في الصلح ، وضمنا أن يتحملا كل ما يدعي بعضهم على بعض ، فأبوا ، ووقعت الحرب عند الجسر ، وشهدها عيينة وخيار . فشاهدا من قتالهم وشدتها ما أيسا معه من الإصلاح بينهم ، فكان الظفر يومئذ للخزرج . وهذا اليوم من أشهر أيامهم ، وكان بعده عدة وقائع كلها من حرب حاطب ، فمنها :

التالي السابق


الخدمات العلمية