صفحة جزء
[ ص: 592 ] 404

ثم دخلت سنة أربع وأربعمائة

ذكر فتح يمين الدولة ناردين

في هذه السنة سار يمين الدولة إلى الهند في جمع عظيم وحشد كثير ، وقصد واسطة البلاد من الهند ، فسار شهرين ، حتى قارب مقصده ، ورتب أصحابه وعساكره ، فسمع عظيم الهند به ، فجمع من عنده من قواده وأصحابه ، وبرز إلى جبل هناك ، صعب المرتقى ، ضيق المسلك ، فاحتمى به ، وطاول المسلمين ، وكتب إلى الهنود يستدعيهم من كل ناحية ، فاجتمع عليه منهم كل من يحمل سلاحا ، فلما تكاملت عدته نزل من الجبل ، وتصاف هو والمسلمون ، واشتد القتال وعظم الأمر .

ثم إن الله تعالى منح المسلمين أكتافهم فهزموهم ، وأكثروا القتل فيهم ، وغنموا ما معهم من مال ، وفيل ، وسلاح ، وغير ذلك .

ووجد في بيت بدا عظيما حجرا منقورا دلت كتابته على أنه مبني منذ أربعين ألف سنة ، فعجب الناس لقلة عقولهم .

فلما فرغ من غزوته عاد إلى غزنة ، وأرسل إلى القادر بالله يطلب منه منشورا وعهدا بخراسان وما بيده من الممالك ، فكتب له ذلك ، ولقب نظام الدين .

ذكر ما فعله خفاجة دفعة أخرى

في هذه السنة جاء سلطان بن ثمال ، واستشفع بأبي الحسن بن مزيد إلى فخر الملك ليرضى عنه ، فأجابه إلى ذلك ، فأخذ عليه العهود بلزوم ما يحمد أمره ، فلما [ ص: 593 ] خرج وصلت الأخبار بأنهم نهبوا سواد الكوفة ، ( وقتلوا طائفة من الجند ، وأتى أهل الكوفة مستغيثين ) ، فسير فخر الملك إليهم عسكرا ، وكتب إلى ابن مزيد وغيره بمحاربتهم ، فسار إليهم ، وأوقع بهم بنهر الرمان وأسر محمد بن ثمال وجماعة معه ، ونجا سلطان ، وأدخل الأسرى إلى بغداذ مشهرين وحبسوا .

وهب على المنهزمين من بني خفاجة ريح شديدة حارة ، فقتلت منهم نحو خمسمائة رجل ، وأفلت منهم جماعة ممن كانوا أسروا من الحجاج ، وكانوا يرعون إبلهم وغنمهم ، فعادوا إلى بغداذ ، فوجد بعضهم نساءهم قد تزوجن وولدن ، واقتسمت تركاتهم .

ذكر استيلاء طاهر بن هلال على شهرزور

قد ذكرنا حال شهرزور ، وأن بدر بن حسنويه سلمها إلى عميد الجيوش ، فجعل فيها نوابه . فلما كان الآن سار طاهر بن هلال بن بدر إلى شهرزور ، وقاتل من بها من عسكر فخر الملك ، وأخذها منهم في رجب ، فلما سمع الوزير الخبر أرسل إلى طاهر يعاتبه ، ويأمره بإطلاق من أسر من أصحابه ، ففعل ، ولم تزل شهرزور بيد طاهر إلى أن قتله أبو الشوك ، وأخذها منه ، وجعلها لأخيه مهلهل .

ذكر عدة حوادث

في هذه السنة سار أبو الحسن علي بن مزيد الأسدي إلى أبي الشوك على عزم محاربته ، فاصطلحا من غير حرب وتزوج ابنه أبو الأغر دبيس بن علي بأخت أبي الشوك .

[ ص: 594 ] [ الوفيات ]

وفيها توفي القاضي أبو الحسن علي بن سعيد الإصطخري ، وهو شيخ من شيوخ المعتزلة ومشهوريهم ، وكان عمره قد زاد على ثمانين سنة ، ( وله تصانيف في الرد على الباطنية ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية