صفحة جزء
ذكر الحرب بين علي بن مزيد وبين بني دبيس

في هذه السنة ، في المحرم ، كانت الحرب بين أبي الحسن علي بن مزيد الأسدي وبين مضر ، ونبهان ، وحسان ، وطراد بني دبيس .

وسببها أنهم كانوا قد قتلوا أبا الغنائم بن مزيد أخا أبي الحسن في حرب بينهم ، وقد تقدم ذكرها ، وحالت الأيام بينه وبين الأخذ بثأره ، فلما كان الآن تجهز لقصدهم ، وجمع العرب ، والشاذنجان ، والجوانية ، وغيرهما من الأكراد ، وسار إليهم ، فلما قرب منهم خرجت زوجته ابنة دبيس وقصدت أخاها مضر بن دبيس ليلا ، وقالت له : قد أتاكن ابن مزيد فيما لا قبل لكم به ، وهو يقنع منكم بإبعاد نبهان قاتل أخيه ، فأبعدوه ، وقد تفرقت هذه العساكر . فأجابها أخوها مضر إلى ذلك ، وامتنع أخوه حسان .

فلما سمع ابن مزيد بما فعلته زوجته أنكره ، وأراد طلاقها ، فقالت له : خفت أن أكون في هذه الحرب بين فقد أخ حميم ، أو زوج كريم ، ففعلت ما فعلت رجاء الصلاح ، فزال ما عنده منها ، وتقدم إليهم ، وتقدموا إليه بالحلل والبيوت ، فالتقوا [ ص: 598 ] واقتتلوا ، ( واشتد القتال لما بين الفريقين من الذحول ) ، فظفر ابن مزيد بهم ، وهزمهم ، وقتل حسان ونبهان ابني دبيس ، واستولى على البيوت والأموال ، ولحق من سلم من الهزيمة بالحويزة .

ولما ظفر بهم رأى عندهم مكاتبات فخر الملك يأمرهم بالجد في أمره ويعدهم النصرة ، فعاتبه على ذلك ، وحصل بينهما نفرة ، ودعت فخر الملك الضرورة إلى تقليد ابن مزيد الجزيرة الدبيسية ، واستثنى مواضع منها : الطيب وقرقوب وغيرهما ، وبقي أبو الحسن هناك إلى جمادى الأولى .

ثم إن مضر بن دبيس جمع جمعا ، وكبس أبا الحسن ليلا ، فهرب في نفر يسير ، واستولى مضر على حلله ( وأمواله ، وكل ماله ) ، ولحق أبو الحسن ببلد النيل منهزما .

التالي السابق


الخدمات العلمية