صفحة جزء
ذكر ملك طفغاج خان وولده

وكان طفغاج خان أبو المظفر إبراهيم بن نصر أيلك يلقب عماد الدولة ، وكان بيده سمرقند وفرغانة ، وكان أبوه زاهدا ومتعبدا ، وهو الذي ملك سمرقند ، فلما مات ورثه ابنه طفغاج ، وملك بعده ، وكان طفغاج متدينا لا يأخذ مالا حتى يستفتي الفقهاء ، فورد عليه أبو شجاع العلوي الواعظ ، وكان زاهدا ، فوعظه وقال له : إنك لا تصلح للملك . فأغلق طفغاج بابه ، وعزم على ترك الملك ، فاجتمع عليه أهل البلد [ ص: 645 ] وقالوا : قد أخطأ هذا ، والقيام بأمورنا متعين عليه . فعند ذلك فتح بابه ، ومات سنة ستين وأربعمائة .

وكان السلطان ألب أرسلان قد قصد بلاده ونهبها أيام عمه طغرلبك ، فلم يقابل الشر بمثله ، وأرسل رسولا إلى القائم بأمر الله سنة ثلاث وخمسين [ وأربعمائة ] يهنئه بعوده إلى مستقره ، ويسأل التقدم إلى ألب أرسلان بالكف عن بلاده ، فأجيب إلى ذلك ، وأرسل إليه الخلع والألقاب ، ثم فلج سنة ستين .

وكان في حياته قد جعل الملك في ولده شمس الملك ، فقصده أخوه طغان خان بن طفغاج ، وحصره بسمرقند ، فاجتمع أهلها إلى شمس الملك ، وقالوا له : قد خرب أخوك ضياعنا وأفسدها ، ولو كان غيره لساعدناك ، ولكنه أخوك فلا ندخل بينكما فوعدهم المناجزة ، وخرج من البلد نصف الليل في خمسمائة غلام معدين ، وكبس أخاه ، وهو غير محتاط ، فظفر به ، فهزمه ، وكان هذا وأبوهما حي .

ثم قصده هارون بغرا خان بن يوسف قدر خان ، وطغرل قرا خان ، وكان طفغاج قد استولى على ممالكهما ، وقاربا سمرقند ، فلم يظفر بشمس الملك ، فصالحاه وعادا فصارت الأعمال المتاخمة لجيحون لشمس الملك ، وأعمال الخاهر في أيديهما ، والحد بينهما خجندة .

وكان السلطان ألب أرسلان قد تزوج ابنة قدر خان ، وكانت قبله عند مسعود بن محمود بن سبكتكين ، وتزوج شمس الملك ابنة ألب أرسلان ، وزوج بنت عمه عيسى خان من السلطان ملكشاه ، وهو خاتون الجلالية أم الملك محمود الذي ولي السلطنة بعد أبيه ، وسنذكر ذلك إن شاء الله تعالى .

ثم اختلف ألب أرسلان وشمس الملك ، وسنذكره سنة خمس وستين [ وأربعمائة ] عند قتل ألب أرسلان ، ثم مات شمس الملك ، فولي بعده أخوه خضر خان ثم مات فولي ابنه أحمد خان وهو الذي قبض عليه ملكشاه ، ثم أطلقه وأعاده إلى ولايته سنة خمس وثمانين ، وسنذكره هناك إن شاء الله تعالى .

[ ص: 646 ] ثم إن جنده ثاروا به فقتلوه وملك بعده محمود خان ، وكان جده من ملوكهم ، وكان أصم ، فقصده طغان خان بن قرا خان ، صاحب طراز ، فقتله واستولى على الملك ، واستناب بسمرقند أبا المعالي محمد بن زيد العلوي البغداذي ، فولي ثلاث سنين ثم عصى عليه ، فحاصره طغان خان وأخذه وقتله ، وقتل خلقا كثيرا معه .

ثم خرج طغان خان إلى ترمذ يريد خراسان ، فلقيه السلطان سنجر وظفر به وقتله وصارت أعمال ما وراء النهر له ، فاستناب بها محمد خان بن كمشتكين بن إبراهيم بن طفغاج خان ، فأخذها منه عمر خان ، وملك سمرقند ، ثم هرب من جنده وقصد خوارزم فظفر به السلطان سنجر فقتله وولي سمرقند محمد خان وولي بخارى محمد تكين بن طغانتكين .

التالي السابق


الخدمات العلمية