[ ص: 647 ] ذكر 
وفاة مهذب الدولة وحال البطيحة بعده 
في هذه السنة ، في جمادى الأولى ، توفي  
مهذب الدولة أبو الحسن علي بن نصر  ، ومولده سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة ، وهو الذي نزل عليه  
 nindex.php?page=showalam&ids=14934القادر بالله     . 
وكان سبب موته أنه افتصد ، فانتفخ ساعده ، ومرض منه ، واشتد مرضه فلما كان قبل وفاته بثلاثة أيام تحدث الجند بإقامة ولده  
أبي الحسين أحمد  مقامه ، فبلغ ابن أخت  
مهذب الدولة  ، وهو  
أبو محمد عبد الله بن يني  ، فاستدعى 
الديلم  والأتراك  ، ورغبهم ووعدهم ، واستحلفهم لنفسه ، وقرر معهم القبض على  
أبي الحسين بن مهذب الدولة  وتسليمه إليه ، فمضوا إليه ليلا وقالوا له : أنت ولد الأمير ، ووارث الأمر من بعده ، فلو قمت معنا إلى دار الإمارة ليظهر أمرك وتجتمع الكلمة عليك لكان حسنا . 
فخرج من داره معهم ، فلما فارقها قبضوا عليه وحملوه إلى  
أبي محمد  ، فسمعت والدته ، فدخلت إلى  
مهذب الدولة  قبل موته بيوم ، فأعلمته الخبر ، فقال : أي شيء أقدر أعمل وأنا على هذه الحال ؟ وتوفي في الغد ، وولي الأمر  
أبو محمد  ، وتسلم الأموال والبلد ، وأمر بضرب  
أبي الحسين بن مهذب الدولة  ، فضرب ضربا شديدا توفي منه بعد ثلاثة أيام من موت أبيه . 
وبقي  
أبو محمد  أميرا إلى منتصف شعبان ، وتوفي بالذبحة ، وكان قد قال قبل موته : رأيت  
مهذب الدولة  في المنام وقد مسك حلقي ليخنقني ، ويقول : قتلت ابني  
أحمد  ، وقابلت نعمتي عليك بذاك . فمات بعد أيام ، فكان ملكه أقل من ثلاثة أشهر . 
فلما توفي اتفق الجماعة على تأمير  
أبي عبد الله الحسين بن بكر الشرابي  ، وكان من خواص  
مهذب الدولة  فصار أمير 
البطيحة  ، وبذل للملك  
سلطان الدولة  بذولا ، فأقره عليها ، وبقي إلى سنة عشر وأربعمائة ، فسير إليه  
سلطان الدولة  صدقة بن فارس   [ ص: 648 ] المازياري  ، فملك 
البطيحة  ، وأسر  
أبا عبد الله الشرابي  ، فبقي عنده أسيرا إلى أن توفي  
صدقة  وخلص ، على ما نذكره إن شاء الله تعالى .