صفحة جزء
ذكر ملك الروم مدينة الرها

في هذه السنة ملك الروم مدينة الرها ، وكان سبب ذلك أن الرها كانت بيد نصر الدولة بن مروان ، كما ذكرناه ، فلما قتل عطير الذي كان صاحبها ، شفع صالح بن مرداس ، صاحب حلب ، إلى نصر الدولة ليعيد الرها إلى ابن عطير ، وإلى ابن شبل ، بينهما نصفين ، فقبل شفاعته ، وسلمها إليهما .

[ ص: 744 ] وكان له في الرها برجان حصينان أحدهما أكبر من الآخر ، فتسلم ابن عطير الكبير ، وابن شبل الصغير ، وبقيت المدينة معهما إلى هذه السنة ، فراسل ابن عطير أرمانوس ملك الروم ، وباعه حصته من الرها بعشرين ألف دينار ، وعدة قرايا من جملتها قرية تعرف إلى الآن بسن ابن عطير ، وتسلموا البرج الذي له ، ودخلوا البلد فملكوه ، وهرب منه أصحاب ابن شبل ، وقتل الروم المسلمين ، وخربوا المساجد .

وسمع نصر الدولة الخبر ، فسير جيشا إلى الرها ، فحصروها وفتحوها عنوة ، واعتصم من بها من الروم بالبرجين ، واحتمى النصارى بالبيعة التي لهم ، وهي من أكبر البيع وأحسنها عمارة ، فحصرهم المسلمون بها ، وأخرجوهم ، وقتلوا أكثرهم ، ونهبوا البلد ، وبقي الروم في البرجين ، وسير إليهم عسكرا نحو عشرة آلاف مقاتل ، فانهزم أصحاب ابن مروان من بين أيديهم ، ودخلوا البلد وما جاورهم من بلاد المسلمين ، وصالحهم ابن وثاب النميري على حران وسروج وحمل إليهم خراجا .

التالي السابق


الخدمات العلمية