صفحة جزء
ذكر غزو إبراهيم ينال الروم

في هذه السنة غزا إبراهيم ينال الروم ، فظفر بهم وغنم .

وكان سبب ذلك أن خلقا كثيرا من الغز بما وراء النهر قدموا عليه ، فقال لهم : ‏ بلادي تضيق عن مقامكم والقيام بما تحتاجون إليه ، والرأي أن تمضوا إلى غزو الروم ، [ ص: 69 ] وتجاهدوا في سبيل الله وتغنموا ، وأنا سائر على أثركم ، ومساعد لكم على أمركم‏ . ‏ ففعلوا‏ . ‏ وساروا بين يديه وتبعهم ، فوصلوا إلى ملازكرد ، وأرزن الروم ، وقاليقلا ، وبلغوا طرابزون وتلك النواحي كلها ، ولقيهم عسكر عظيم للروم والأبخاز يبلغون خمسين ألفا ، فاقتتلوا واشتد القتال بينهم ، وكانت بينهم عدة وقائع تارة يظفر هؤلاء وتارة هؤلاء ، وكان آخر الأمر الظفر للمسلمين ، فأكثروا القتل في الروم وهزموهم ، وأسروا جماعة كثيرة من بطارقتهم ، وممن أسر قاريط ملك الأبخاز ، فبذل في نفسه ثلاثمائة ألف دينار ، وهدايا بمائة ألف ، فلم يجبه إلى ذلك ، ولم يزل يجوس تلك البلاد وينهبها إلى أن بقي بينه وبين القسطنطينية خمسة عشر يوما ، واستولى المسلمون على تلك النواحي فنهبوها ، وغنموا ما فيها ، وسبوا أكثر من مائة ألف رأس ، وأخذوا من الدواب والبغال والغنائم والأموال ما لا يقع عليه الإحصاء ، وقيل : إن الغنائم حملت على عشرة آلاف عجلة ، وإن في جملة الغنيمة تسعة عشر ألف درع‏ .

وكان قد دخل بلد الروم جمع من الغز يقدمهم إنسان نسيب طغرلبك ، فلم يؤثر كبير أثر ، وقتل من أصحابه جماعة وعاد ، ودخل بعده إبراهيم ينال ففعل هذا الذي ذكرناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية