صفحة جزء
ذكر تبييض أبي الغنائم بن المحلبان

في هذه السنة بيض علاء الدين أبو الغنائم بن المحلبان بواسط ، وخطب فيها للعلويين المصريين .

وكان سبب ذلك أن رئيس الرؤساء سعى له في النظر على واسط وأعمالها ، [ ص: 139 ] فأجيب إلى ذلك ، فانحدر إليها ، ( فصار عنده ) جماعة من أعيانها ، وجند جماعة عظيمة ، وتقوى بالبطائحيين ، وحفر على الجانب الغربي من واسط خندقا ، وبنى عليه سورا ، وأخذ ضريبة من سفن أصعدت للخليفة ، فسير لحربه عميد العراق أبو نصر ، فاقتتلوا ، فانهزم ابن المحلبان ، وأسر من أصحابه عدد كثير ، ووصل أبو نصر إلى السور ، فقاتله العامة من على السور .

ثم تسلم البلد ، وأمر أهله بطم الخندق ، وتخريب السور ، ثم أصعد إلى بغداذ ، فلما فارقها ( عاد إليها ) ابن فسانجس ، ونهب قرية عبد الله ، وقتل كل أعمى رآه بواسط ، وأعاد خطبة المصريين ، وأمر أهل كل محلة بعمارة ما يليهم من السور .

ومضى منصور بن الحسين إلى المدار ، وأرسل إلى بغداذ يطلب المدد ، فكتب إليه عميد العراق ورئيس الرؤساء يأمرانه أن يقصد واسطا هو وابن الهيثم ، وأن يحاصراها ، فأقبلا إليها فيمن معهما وحصروها في الماء والبر ، وكان هذا الحصار سنة تسع وأربعين [ وأربعمائة ] ، فاشتد فيها الغلاء حتى بيع التمر والخبز وكروش البقر ، كل خمسة أرطال بدينار ، وإذا وجد الخبازى باعوه كل عشرين رطلا بدينار .

ثم ضعفوا وضجروا من الحصار ، فخرج ابن فسانجس ليقاتل ، فلم يثبت ، وقتل جماعة من أصحابه ، وانهزموا إلى سور البلد ، واستأمن جماعة من الواسطيين إلى منصور بن الحسين ، وفارق ابن فسانجس واسطا ، ومضى إلى قصر ابن أخضر ، وسار إليه طائفة من العسكر ليقاتلوه ، فأدركوه بقرب النيل ، فأسر هو وأهله ، وحمل إلى بغداذ ، فدخلها في صفر سنة تسع وأربعين [ وأربعمائة ] وشهر على جمل ، وعليه قميص أحمر ، وعلى رأسه طرطور بودع ، وصلب .

التالي السابق


الخدمات العلمية