صفحة جزء
ذكر وفاة نصر الدولة بن مروان .

في هذه السنة توفي نصر الدولة أحمد بن مروان الكردي ، صاحب ديار بكر ، ولقبه القادر بالله نصر الدولة ، وكان عمره نيفا وثمانين سنة ، وإمارته اثنتين وخمسين [ ص: 175 ] سنة ، واستولى على الأمور ببلاده استيلاء تاما ، وعمر الثغور وضبطها ، وتنعم تنعما لم يسمع بمثله عن أحد من أهل زمانه .

وملك من الجواري المغنيات ما اشترى بعضهم بخمسة آلاف دينار ، وأكثر من ذلك ، وملك خمسمائة سرية سوى توابعهن ، وخمسمائة خادم .

وكان في مجلسه من الآلات ما تزيد قيمته على مائتي ألف دينار ، وتزوج من بنات الملوك جملة ، وأرسل طباخين إلى الديار المصرية ، وغرم على إرسالهم جملة وافرة حتى تعلموا الطبخ من هناك .

وأرسل إلى السلطان طغرلبك هدايا عظيمة ، من جملتها الجبل الياقوت الذي كان لبني بويه ، اشتراه من الملك العزيز أبي منصور بن جلال الدولة ، وأرسل معه مائة ألف دينار سوى ذلك .

ووزر له أبو القاسم بن المغربي ، وفخر الدولة بن جهير ، ورخصت الأسعار في أيامه ، وتظاهر الناس بالأموال ، ووفد إليه الشعراء ، وأقام عنده العلماء والزهاد .

وبلغه أن الطيور في الشتاء تخرج من الجبال إلى القرى فتصاد ، فأمر أن يطرح لها الحب من الأهراء التي له ، فكانت في ضيافته طول عمره .

ولما مات اتفق وزيره فخر الدولة بن جهير وابنه نصر ، فرتب نصرا في الملك بعد أبيه ، وجرى بينه وبين أخيه سعيد حروب شديدة كان الظفر في آخرها لنصر ، فاستقر في الإمارة بميافارقين وغيرها ، وملك أخوه سعيد آمد .

التالي السابق


الخدمات العلمية