[ ص: 256 ]   468 
ثم دخلت سنة ثمان وستين وأربعمائة . 
ذكر 
ملك  أقسيس  دمشق    . 
قد ذكرنا سنة ثلاث وستين [ وأربعمائة ] ملك  
أقسيس  الرملة  ، 
والبيت المقدس  ، وحصره مدينة 
دمشق  ، فلما عاد عنها جعل يقصد أعمالها كل سنة عند إدراك الغلات فيأخذها ، فيقوى هو وعسكره ، ويضعف أهل 
دمشق  وجندها ، فلما كان رمضان سنة سبع وستين سار إلى 
دمشق  فحصرها . وأميرها  
 nindex.php?page=showalam&ids=17121المعلى بن حيدرة  من قبل  
 nindex.php?page=showalam&ids=15235الخليفة المستنصر  ، فلم يقدر عليها ، فانصرف عنها في شوال ، فهرب أميرها  
المعلى  في ذي الحجة . 
وكان سبب هربه أنه أساء السيرة مع الجند والرعية وظلمهم ، فكثر الدعاء عليه ، وثار به العسكر ، وأعانهم العامة ، فهرب منها إلى 
بانياس  ، ثم منها إلى 
صور  ، ثم أخذ إلى 
مصر  فحبس بها ، فمات محبوسا . 
فلما هرب من 
دمشق  اجتمعت 
المصامدة  ، وولوا عليهم  
انتصار بن يحيى المصمودي ، المعروف برزين الدولة  ، وغلت الأسعار بها حتى أكل الناس بعضهم بعضا . 
ووقع الخلف بين 
المصامدة  وأحداث البلد ، وعرف  
أقسيس  ذلك ، فعاد إلى 
دمشق  ، فنزل عليها في شعبان من هذه السنة ، فحصرها ، فعدمت الأقوات ، فبيعت الغرارة ، إذا وجدت ، بأكثر من عشرين دينارا ، فسلموها إليه بأمان ، ( وعوض  
انتصار  عنها 
بقلعة بانياس  ، ومدينة 
يافا  من الساحل ) ، ودخلها هو وعسكره في ذي القعدة ،   
[ ص: 257 ] وخطب بها يوم الجمعة لخمس بقين من ذي القعدة ،  
 nindex.php?page=showalam&ids=15298للمقتدي بأمر الله الخليفة العباسي  ، وكان آخر ما خطب فيها للعلويين المصريين ، وتغلب على أكثر 
الشام  ، ومنع الأذان بحي على خير العمل ، ففرح أهلها فرحا عظيما ، وظلم أهلها ، وأساء السيرة فيهم . 
ذكر عدة حوادث   . 
في هذه السنة ملك  
نصر بن محمود بن مرداس  مدينة منبج  وأخذها من 
الروم    . 
وفيها قدم  
سعد الدولة كوهرائين  شحنة إلى 
بغداذ  من عسكر السلطان ، ومعه  
العميد أبو نصر  ناظرا في أعمال 
بغداذ    . 
وفيها وثب الجند 
بالبطيحة  على أميرها  
أبي نصر بن الهيثم  ، وخالفوا عليه ، فهرب منهم ، وخرج من ملكه والذخائر والأموال التي جمعها في المدة الطويلة ، ولم يصحبه من ذلك جميعه شيء ، وصار نزيلا على  
كوهرائين  شحنة 
العراق    . 
وفيها انفجر البثوق 
بالفلوجة  ، وانقطع الماء من النيل وغيره من تلك الأعمال من بلاد  
 nindex.php?page=showalam&ids=15861دبيس بن مزيد  ، فجلا أهل البلاد ، ووقع الوباء فيهم ، ولم يزل كذلك إلى أن سده  
عميد الدولة بن جهير  سنة اثنتين وسبعين [ وأربعمائة ] . 
[ الوفيات ] 
وفي هذه السنة توفي  
أبو علي الحسن بن القاسم بن محمد المقري ، المعروف بغلام الهراس الواسطي  ، بها ، وكان محدثا علامة في كثير من العلوم .  
[ ص: 258 ] وفي شعبان توفي  
القاضي أبو الحسين محمد بن محمد بن البيضاوي الفقيه الشافعي  ، وكان يدرس الفقه بدرب السلولي 
بالكرخ  ، وهو زوج ابنة  
 nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبي الطيب الطبري  ،  
 nindex.php?page=showalam&ids=14277وعبد الرحمن بن محمد بن محمد بن المظفر بن محمد بن داود أبو الحسن بن أبي طلحة الداودي     . راوي " صحيح  
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري     " ولد سنة أربع وسبعين وثلاثمائة ، وسمع الحديث وتفقه  
 nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي  على  
 nindex.php?page=showalam&ids=15021أبي بكر القفال  ،  
 nindex.php?page=showalam&ids=11976وأبي حامد الإسفراييني  ، وصحب  
أبا علي الدقاق  ،  
 nindex.php?page=showalam&ids=12067وأبا عبد الرحمن السلمي  ، وكان عابدا خيرا ، فقصده  
نظام الملك  ، فجلس بين يديه ، فوعظه ، وكان في قوله : إن الله تعالى سلطك على عباده فانظر كيف تجيبه إذا سألك عنهم ، فبكى . وكان موته 
ببوشنج    . 
( وفيها توفي  
 nindex.php?page=showalam&ids=15466أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن متويه الواحدي المفسر  ، مصنف " الوسيط " ، " والبسيط " ، " والوجيز " ، في التفسير ، وهو نيسابوري ، إمام ) مشهور ،  
وأبو الفتح منصور بن أحمد بن دارست  ، وزير  
القائم  ، توفي 
بالأهواز  ،  
 nindex.php?page=showalam&ids=14645ومحمد بن القاسم بن حبيب بن عبدوس أبو بكر الصفار النيسابوري ، الفقيه الشافعي  ، تفقه على  
 nindex.php?page=showalam&ids=14048أبي محمد الجويني  ، وسمع من  
 nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم أبي عبد الله   nindex.php?page=showalam&ids=12067وأبي عبد الرحمن السلمي  وغيرهما .  
[ ص: 259 ] وفيها توفي  
مسعود بن المحسن بن الحسن بن عبد الرزاق أبو جعفر البياضي الشاعر  ، له شعر مطبوع ، فمنه قوله : 
يا من لبست لبعده ثوب الضنى حتى خفيت به عن العواد     وأنست بالسهر الطويل ، فأنسيت 
أجفان عيني كيف كان رقادي     إن كان يوسف  بالجمال مقطع ال 
أيدي ، فأنت مفتت الأكباد