صفحة جزء
ذكر ملك الروم مدينة زويلة وعودهم عنها .

في هذه السنة فتح الروم مدينة زويلة من إفريقية ، وهي بقرب المهدية .

وسبب ذلك أن الأمير تميم بن المعز بن باديس ، صاحبها ، أكثر غزو بلادهم في البحر ، فخربها ، وشتت أهلها ، فاجتمعوا من كل جهة ، واتفقوا على إنشاء الشواني لغزو المهدية ، ودخل معهم البيشانيون ، والجنويون ، وهما من الفرنج ، فأقاموا يعمرون الأسطول أربع سنين ، واجتمعوا بجزيرة قوصرة في أربع مائة قطعة ، فكتب أهل قوصرة كتابا على جناح طائر يذكرون وصولهم وعددهم وحكمهم على الجزيرة ، فأراد تميم أن يسير عثمان بن سعيد المعروف بالمهر ، مقدم الأسطول الذي له ، [ ص: 321 ] ليمنعهم من النزول ، فمنعه من ذلك بعض قواده ، واسمه عبد الله بن منكوت ، لعداوة بينه وبين المهر ، فجاءت الروم ، وأرسلوا ، وطلعوا إلى البر ، ونهبوا ، وخربوا وأحرقوا ، ودخلوا زويلة ونهبوها ، وكانت عساكر تميم غائبة في قتال الخارجين عن طاعته .

ثم صالح تميم الروم على ثلاثين ألف دينار ، ورد جميع ما حووه من السبي ، وكان تميم يبذل المال الكثير في الغرض الحقير ، فكيف في الغرض الكبير ، حكي عنه أنه بذل للعرب لما استولوا على حصن له يسمى قناطة ليس بالعظيم اثني عشر ألف دينار حتى هدمه ، فقيل له : هذا سرف في المال ؛ فقال : هو شرف في الحال .

التالي السابق


الخدمات العلمية