[ ص: 327 ] ذكر 
فتح سمرقند  الفتح الثاني 
لما اتصلت الأخبار بعصيان 
سمرقند  بالسلطان ملكشاه  ، وقتل  
عين الدولة  ، مقدم 
الجكلية  ، عاد إلى 
سمرقند  ، فلما وصل إلى 
بخارى  هرب  
يعقوب  المستولي على 
سمرقند  ، ومضى إلى 
فرغانة  ، ولحق بولايته . 
ووصل جماعة من عسكره إلى السلطان مستأمنين ، فلقوه بقرية تعرف 
بالطواويس  ، ولما وصل السلطان إلى 
سمرقند  ملكها ، ورتب بها الأمير أبر ، وسار في أثر  
يعقوب  حتى نزل 
بيوزكند  ، وأرسل العساكر إلى سائر الأكناف في طلبه . 
وأرسل السلطان إلى  
ملك كاشغر  ، وهو أخو  
يعقوب  ، ليجد في أمره ، ويرسله إليه ، فاتفق أن عسكر يعقوب شغبوا عليه ، ونهبوا خزائنه ، واضطروه إلى أن هرب على فرسه ، ودخل إلى أخيه  
بكاشغر  مستجيرا به . 
فسمع السلطان بذلك ، فأرسل إلى  
ملك كاشغر  يتوعده ، إن لم يرسله إليه ، أن يقصد بلاده ، ويصير هو العدو ، فخاف أن يمنع السلطان ، وأنف أن يسلم أخاه بعد أن استجار به وإن كانت بينهما عداوة قديمة ، ومنافسة في الملك عظيمة ، لما يلزمه فيه العار ، فأداه اجتهاده إلى أن قبض على أخيه  
يعقوب  ، وأظهر أنه كان في طلبه فظفر به ، وسيره مع ولده ، وجماعة من أصحابه ، وكلهم بيعقوب ، وأرسل معهم هدايا كثيرة للسلطان ، وأمر ولده أنه إذا وصل إلى قلعة بقرب السلطان أن يسمل  
يعقوب  ويتركه ، فإن رضي السلطان بذلك ، وإلا سلمه إليه . 
فلما وصلوا إلى قلعة عزم  
ابن ملك كاشغر  أن يسمل عمه ، وينفذ فيه ما أمره به أبوه ، فتقدم بكتفه وإلقائه على الأرض ، ففعلوا به ذلك ، فبينما هم على تلك الحال ، وقد أحموا الميل ليسملوه ، إذ سمعوا ضجة عظيمة ، فتركوه ، وتشاوروا بينهم ، وظهر عليهم انكسار ، ثم أرادوا ( بعد ذلك ) سمله ، ومنع منه بعض ، فقال لهم  
يعقوب     : أخبروني عن حالكم ، وما يفوتكم الذي تريدونه مني ، وإذا فعلتم بي شيئا ربما ندمتم عليه .  
[ ص: 328 ] فقيل له : إن  
طغرل بن ينال  أسرى من ثمانين فرسخا في عشرات ألوف من العساكر ، وكبس أخاك  
بكاشغر  ، فأخذه أسيرا ، ونهب عسكره ، وعاد إلى بلاده ، فقال لهم : هذا الذي تريدون تفعلونه بي ليس مما تتقربون به إلى الله تعالى ، وإنما تفعلونه اتباعا لأمر أخي ، وقد زال أمره ، ووعدهم الإحسان فأطلقوه . 
فلما رأى السلطان ذلك ورأى طمع  
طغرل بن ينال  ، ومسيره إلى  
كاشغر  ، وقبض صاحبها ، وملكه لها مع قربه منه ، خاف أن ينحل بعض أمره وتزول هيبته ، وعلم أنه متى قصد  
طغرل  سار من يديه ، فإن عاد عنه رجع إلى بلاده ، وكذلك  
يعقوب     ( أخو صاحب  
كاشغر     ) ، وأنه لا يمكنه المقام لسعة البلاد وراءه وخوف الموت بها ، فوضع  
تاج الملك  على أن يسعى في إصلاح أمر  
يعقوب  معه ، ففعل ما أمره به السلطان ، فاتفق هو  
ويعقوب  ، وعاد إلى 
خراسان  ، وجعل  
يعقوب  مقابل  
طغرل  يمنعه من القوة ، وملك البلاد ، وكل منهما يقوم في وجه الآخر .