صفحة جزء
ذكر عدة حوادث

في هذه السنة ، في جمادى الأولى ، قدم إلى بغداذ أردشيرين بن منصور أبو الحسين الواعظ ، العبادي ، وأكثر الوعظ بالمدرسة النظامية ، وهو مروزي ، وقدم بغداذ قاصدا للحج ، وكان له قبول عظيم ، بحيث إن الغزالي وغيره من الأئمة ومشايخ الصوفية الكبار يحضرون مجلسه ، وذرع في بعض المجالس الأرض التي فيها الرجال ، [ ص: 373 ] فكان طولها مائة وخمسة وسبعين ذراعا ، وعرضها مائة وعشرين ذراعا ، وكانوا يزدحمون ازدحاما كثيرا ، وكان النساء أكثر من ذلك ، وكان له كرامات ظاهرة ، وعبادات كثيرة .

وكان سبب منعه من الوعظ أنه نهى أن يتعامل الناس ببيع القراضة بالصحيح ، وقال : هو ربا ، فمنع من الوعظ ، وأخرج من البلد .

وفيها وقعت الفتنة ببغداذ بين العامة ، وقصد كل فريق الفريق الآخر ، وقطعوا الطرقات بالجانب الغربي ، وقتل أهل النصرية مصلحيا ، فأرسل كوهرائين فأحرقها ، واتصلت الفتنة بين أهل الكرخ وباب البصرة ، وكان للعميد الأغر أبي المحاسن الدهستاني في إطفاء هذه الفتنة أثر حسن .

وفيها ، في شعبان ، سار سيف الدولة صدقة بن مزيد إلى السلطان بركيارق ، فلقيه بنصيبين ، وسار معه إلى بغداذ ، فوصلها في ذي القعدة ومعه وزيره عز الملك بن نظام الملك ، وخرج عميد الدولة والناس إلى لقائه من عقرقوف .

وفيها ولد للمستظهر بالله ولد سمي الفضل ، وكني أبا منصور ، ولقب عمدة الدين ، وهو المسترشد بالله .

وفيها ، في رمضان ، قتل الأمير يلبرد ، قتله بركيارق ، وكان من الأمراء الكبار مع أبيه ، فزاده بركيارق إقطاع كوهرائين ، وشحنكية بغداذ ، فلما وصل إلى دقوقا أعيد منها لأنه تكلم ، فيما يتعلق بوالدة السلطان بركيارق ، بكلام شنيع ، فلما وصل إليه أصبح مقتولا .

[ الوفيات ]

وفيها ( في المحرم ) توفي علي بن أحمد بن يوسف أبو الحسن القرشي ، [ ص: 374 ] الهكاري ، المعروف بشيخ الإسلام ، وكان فاضلا ، عابدا ، كثير السماع ، إلا أن الغرائب في حديثه كثيرة لا يدرى ما سببها .

( والأمير أبو نصر علي بن هبة الله بن علي بن جعفر العجلي ، المعروف بابن ماكولا ، مصنف كتاب " الإكمال " ، قتله غلمانه الأتراك بكرمان ، ومولده سنة اثنتين وأربعمائة ، وكان حافظا ) .

وفيها ، في صفر ، توفي أبو محمد عامر الضرير ، وكان فقيها شافعيا ، مقرئا ، نحويا ، وكان يصلي في رمضان بالإمام المقتدي بأمر الله .

وفي جمادى الأولى توفي الأمير أبو الفضل جعفر بن المقتدي ، وأمه ابنة السلطان ملكشاه ، وإليه تنسب " الجعفريات " .

وفي رجب توفي الشيخ أبو سعد عبد الواحد بن أحمد بن المحسن الوكيل بالمخزن ، وكان فقيها شافعيا ، كثير الإحسان إلى أهل العلم ، وكان محمودا في ولايته .

وفيها توفي كمال الملك الدهستاني الذي كان عميد بغداذ .

وفي رمضان توفي المشطب بن محمد الحنفي بالكحيل من أرض الموصل ، وكان الخليفة قد أرسله إلى بركيارق ، وكان بالموصل ، ومعه تاج الرؤساء أبو نصر بن الموصلايا ، وكان شيخا كبيرا عالما ، مكرما عند الملوك ، وحمل إلى العراق ، ودفن عند أبي حنيفة

[ ص: 375 ] وفيه توفي القاضي أبو علي يعقوب بن إبراهيم البرزبيني ، قاضي باب الأزج ، وولي مكانه القاضي أبو المعالي عزيزي ، وكان أبو المعالي شافعيا ، أشعريا ، مغاليا ، وله مع أهل باب الأزج أقاصيص وحكايات عجيبة .

وفيها توفي نصر بن الحسن بن القاسم بن الفضل أبو الليث ، وأبو الفتح التنكتي ، له كنيتان ، سافر [ في ] البلاد شرقا وغربا ، روى صحيح مسلم وغيره ، وكان ثقة ، ومولده سنة ست وأربعمائة .

وفي ذي الحجة منها توفي أبو الفرج عبد الواحد بن محمد بن علي الحنبلي ، الفقيه ، وكان وافر العلم ، غزير الدين ، حسن الوعظ والسمت .

التالي السابق


الخدمات العلمية