صفحة جزء
ذكر انهزام بركيارق من عمه تتش وملكه أصبهان بعد ذلك

في هذه السنة ، في شوال ، انهزم بركيارق من عسكر عمه تتش . وكان بركيارق بنصيبين ، فلما سمع بمسير عمه إلى أذربيجان ، سار هو من نصيبين ، وعبر دجلة من بلد فوق الموصل ، وسار إلى إربل ، ومنها إلى بلد سرخاب بن بدر إلى أن بقي [ ص: 381 ] بينه وبين عمه تسعة فراسخ ، ولم يكن معه غير ألف رجل ، وكان عمه في خمسين ألف رجل ، فسار الأمير يعقوب بن آبق من عسكر عمه ، فكبسه ، وهزمه ، ونهب سواده ، ولم يبق معه إلا برسق ، وكمشتكين الجاندار ، واليارق ، وهم من الأمراء الكبار ، فسار إلى أصبهان .

وكانت خاتون أم أخيه محمود قد ماتت ، على ما نذكره ، فمنعه من بها من الدخول إليها ، ثم أذنوا له خديعة منهم ليقبضوا عليه ، فلما قاربها خرج أخوه الملك محمود فلقيه ، ودخل البلد ، واحتاطوا عليه ، فاتفق أن أخاه محمودا حم وجدر ، فأراد الأمراء أن يكحلوا بركيارق ، فقال لهم أمين الدولة بن التلميذ الطبيب : إن الملك محمودا قد جدر ، وما كأنه يسلم منه ، وأراكم تكرهون أن يليكم ، ويملك البلاد تاج الدولة ، فلا تعجلوا على بركيارق ، فإن مات محمود أقيموه ملكا ، وإن سلم محمود فأنتم تقدرون على كحله . فمات محمود سلخ شوال ، فكان هذا من الفرج بعد الشدة ، وجلس بركيارق للعزاء بأخيه .

وكان مولد محمود في صفر سنة ثمانين وأربعمائة ، وقصده مؤيد الملك بن نظام الملك ، فاستوزره في ذي الحجة ، وكان أخوه عز الملك بن نظام الملك قد مات لما كان مع بركيارق بالموصل ، وحمل إلى بغداذ ، فدفن بالنظامية

وكان أصبح الناس وجها ، وأحسنهم خلقا وسيرة ، وكان قد أجرى الناس على ما بأيديهم من توقيعات أبيه في الإطلاقات من خاصته ، منها ببغداذ مائتا كر غلة ، وثمانية عشر ألف دينار أميري .

ثم إن بركيارق جدر ، بعد أخيه ، وعوفي وسلم ، فلما عوفي كاتب مؤيد الملك وزيره الأمراء العراقيين ، والخراسانيين ، واستمالهم ، فعادوا كلهم إلى بركيارق ، فعظم شأنه وكثر عسكره .

التالي السابق


الخدمات العلمية