ذكر 
عمره وشيء من سيرته 
لما توفي  
بركيارق  كان عمره خمسا وعشرين سنة ، ومدة وقوع اسم السلطنة   
[ ص: 503 ] عليه اثنتي عشرة سنة وأربعة أشهر ، وقاسى من الحروب واختلاف الأمور عليه ما لم يقاسه أحد ، واختلفت به الأحوال بين رخاء وشدة ، وملك وزواله ، وأشرف في عدة نوب بعد إسلام النعمة على ذهاب المهجة . 
ولما قوي أمره في هذا الوقت وأطاعه المخالفون ، وانقادوا له ، أدركته منيته ، ولم يهزم في حروبه غير مرة واحدة ، وكان أمراؤه قد طمعوا فيه للاختلاف الواقع ، حتى إنهم كانوا يطلبون نوابه ليقتلوهم ، فلا يمكنه الدفع عنهم ، وكان متى خطب له 
ببغداذ  وقع الغلاء ، ووقفت المعايش والمكاسب ، وكان أهلها مع ذلك يحبونه ، ويختارون سلطانه . 
وقد ذكرنا من تغلب الأحوال به ما وقفت عليه ، ومن أعجبها دخوله 
أصبهان  هاربا من عمه  
تتش  ، فمكنه عسكر أخيه  
محمود  صاحبها من دخولها ليقبضوا عليه ، فاتفق أن أخاه  
محمودا  مات ، فاضطروا إلى أن يملكوه ، وهذا من أحسن الفرج بعد الشدة . 
وكان حليما ، كريما ، صبورا ، عاقلا ، كثير المداراة ، حسن القدرة ، لا يبالغ في العقوبة ، وكان عفوه أكثر من عقوبته .