صفحة جزء
ذكر عدة حوادث

في هذه السنة عظم فساد التركمان بطريق خراسان من أعمال العراق ، وقد كانوا قبل ذلك ينهبون الأموال ، ويقطعون الطريق ، إلا أنهم عندهم مراقبة .

فلما كانت هذه السنة اطرحوا المراقبة ، وعملوا الأعمال الشنيعة ، فاستعمل إيلغازي بن أرتق ، وهو شحنة العراق ، على ذلك البلد ابن أخيه بلك بن بهرام بن أرتق ، وأمره بحفظه وحياطته ، ومنع الفساد عنه ، فقام في ذلك القيام المرضي ، وحمى البلاد ، وكف الأيدي المتطاولة ، وسار بلك إلى حصن خانيجار ، وهو من أعمال سرخاب بن بدر ، فحصره وملكه .

وفيها ، في شعبان ، جعل السلطان محمد قسيم الدولة سنقر البرسقي شحنة [ ص: 514 ] بالعراق ، وكان موصوفا بالخير ، والدين ، وحسن العهد ، لم يفارق محمدا في حروبه كلها .

وفيها أقطع السلطان محمد الكوفة للأمير قايماز ، وأوصى صدقة أن يحمي أصحابه من خفاجة ، فأجاب إلى ذلك .

وفيها ، في شهر رمضان ، وصل السلطان محمد إلى أصبهان ، فأمن أهلها ووثقوا بزوال ما كان يشملهم من الخبط ، والعسف ، والمصادرة ، وشتان بين خروجه منها هاربا متخفيا ، وعوده إليها متمكنا ، وعدل في أهلها ، وأزال عنهم ما يكرهون ، وكف الأيدي المتطرقة إليهم من الجند وغيرهم ، فصارت كلمة العامي أقوى من كلمة الجندي ، ويد الجندي قاصرة عن العامي من هيبة السلطان وعدله .

وفيها كثر الجدري في كثير من البلدان ، ولا سيما العراق ، فإنه كان به كله ، ومات به من الصبيان ما لا يحصى ، وتبعه وباء كثير ، وموت عظيم .

وتوفي في هذه السنة ، في شوال ، أحمد بن محمد بن أحمد أبو علي البرداني ، الحافظ ، ومولده سنة ست وعشرين وأربعمائة ، سمع ابن غيلان ، والبرمكي ، والعشاري وغيرهم .

وتوفي أبو المعالي ثابت بن بندار بن إبراهيم البقال ، ومولده سنة ست عشرة وأربعمائة ، سمع أبا بكر البرقاني ، وأبا علي بن شاذان ، وكانت وفاته في جمادى الآخرة من هذه السنة .

[ ص: 515 ] وفي رابع جمادى الأولى توفي أبو الحسن محمد بن علي بن أبي الصقر ، الفقيه الشافعي ، ومولده سنة تسع وأربعمائة ، وكان أديبا ، شاعرا ، فمن قوله :


من قال لي جاه ، ولي حشمة ، ولي قبول عند مولانا     ولم يعد ذاك بنفع على
صديقه ، لا كان من كانا



وفيها أيضا توفي أبو نصر ابن أخت ابن الموصلايا ، وكان كاتبا للخليفة جيد الكتابة ، وكان عمره سبعين سنة ، ولم يخلف وارثا لأنه أسلم ، وأهله نصارى ، فلم يرثوه ، وكان يبخل ، إلا أنه كان كثير الصدقة ، وأبو المؤيد عيسى بن عبد الله بن القاسم الغزنوي ، كان واعظا ، شاعرا ، كاتبا ، قدم بغداذ ، ووعظ بها ، ونصر مذهب الأشعري ، وكان له قبول عظيم ، وخرج منها ، فمات بإسفرايين .

التالي السابق


الخدمات العلمية